مع إشراقة يومنا الوطني، وقبل الشروع في الكتابة عن هذه الذكرى المجيدة لا يملك المرء سوى التأمل العميق واسترجاع المشاهد الخالدة ومحاولة الربط بين المراحل المتتابعة لمسيرة الحضارة عبر التاريخ، لكنه وقبل انطلاق القلم إلى غايته، نجد أن التعبير عن ذلك اليوم المجيد يتجاوز الإطار اللغوي المتعارف عليه إلى حيث الوجدان المتدفق بمشاعر الفخر والاعتزاز، شعورٌ يؤكد لنا، أن يوم الوطن ليس فقط ذلك اليوم الذي يحمله لنا التقويم الزمني في كل عام، وإنما هو نقطة الاستهلال والرمز المباشر لمسيرة وطن وحضارة أمة، بكل ما لديها من رصيدٍ ينتقل عبر الزمن من الماضي العريق، مروراً بالحاضر الزاهر، وانطلاقاً إلى المستقبل المشرق بعون الله. مع إشراقة يومنا الوطني.. نسترجع المشاهد الأولى لتلك المسيرة، باستعادة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- مُلك الآباء والأجداد. وبكل عزيمةٍ وإصرار، ووسط التحديات الجسام وتلال المصاعب والإحباطات، وفي قلب صراعاتٍ دوليةٍ مُحتدمة وبإمكاناتٍ متواضعة انطلق إلى الهدف الأسمى لتأسيس دولةٍ راسخةٍ فتية.. بنور الله آمنةً قوية.. لتشرق في سماء العالم.. مملكتُنا العربية السعودية.. وبعد الملك المؤسس، واصل الأبناء الكرام رحلة العطاء والبناء في جميع المجالات لمواكبة العصر بكل معطياته وتحدياته وصولاً إلى هذا العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -أيَّدهما الله- حيث تُحقق مملكتنا الحبيبة في كل يوم، قفزاتٍ تنمويةٍ هائلة في جميع المجالات، من خلال رؤية مباركة «المملكة 2030» التي تُحدد معالم الانطلاق للوطن الغالي نحو آفاقٍ غير محدودةٍ من التقدم والازدهار. مع إشراقة يومنا الوطني.. نتطرق في إيجاز إلى ما تتضمنه الرؤية المباركة، من التأكيد على مكانة المملكة كعمقٍ إستراتيجي للعالمين العربي والإسلامي، والاستثمار الأمثل للموقع الفريد للمملكة كمحور ربطٍ لقارات العالم، إلى جانب زيادة حجم الناتج المحلي غير النفطي مع تنويع مصادر الدخل وتحقيق نقلةٍ جديدةٍ وشاملة للسياحة بالمملكة من خلال المشاريع الكبرى في «نيوم والبحر الأحمر» وتعريف العالم أجمع بما تملكه بلادنا من معالم وإمكانات سياحية فريدة مع زيادة أعداد المعتمرين والانتقال بترتيب المملكة إلى المراكز العشر الأولى في مؤشر التنافسية العالمي، إلى جانب زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي ورفع معدل الاستثمارات الأجنبية المباشرة ودعم النشاط الثقافي والرياضي والترفيهي مع فتح كافة المجالات وبلا حدود أمام الكوادر الوطنية، وغير ذلك من العناصر التي تُوفر لبلادنا كل المقومات اللازمة لتعزيز مكانتها بين مجموعة العشرين والاقتصاديات الأكبر في عالم اليوم. ومع إشراقة يومنا الوطني.. يتأكد كل يوم، ذلك الارتباط الوثيق بين خدمات النقل الجوي والتطور الاقتصادي السريع في بلادنا الغالية، من خلال منظومةٍ متكاملة من المطارات الدولية والإقليمية والمحلية، والتي تشهد طفرةً كبرى باستكمال المرحلة الأولى من مطار الملك عبدالعزيز الدولي الجديد، البوابة الأولى لمكة المكرمة والمَعلم الاقتصادي والحضاري المتكامل والذي يُعد واحداً من أكبر المطارات المحورية على مستوى العالم حيث تتطلع شركات الطيران الوطنية والعالمية من خلاله إلى تقديم تجربة سفر رائعة عبر مرافِقِه الخَدمية والتجارية المتقدمة، ومن خلاله أيضاً، تتكامل مشاريع الخدمات اللوجستية والبنية التحتية مع شبكات النقل البري وقطار الحرمين بما يعزز الازدهار الاقتصادي في هذه المنطقة الغالية من مملكتنا الحبيبة. مع إشراقة يومنا الوطني.. نُعبر جميعاً في الخطوط الجوية العربية السعودية، عن فائق الامتنان والتقدير لقيادتنا الرشيدة - رعاها الله - لما يحظى به صرحنا الوطني من دعمٍ كريم ليظل على الدوام الواجهة الحضارية لأغلى الأوطان.. في هذا السياق، نستعرض في إيجاز، الدور الرائد لمؤسستنا الوطنية العالمية في خدمة مملكتنا الحبيبة منذ انطلاقتها بطائرةٍ واحدة هدية من الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وحتى اليوم وهي تقف على مسافة شهورٍ قليلة من عامها الخامس والسبعين، حيث تُواصل «السعودية» انطلاقتها وتقترب من استكمال خطتها الإستراتيجية «السعودية 2020» ومبادرات برنامج التحول وفق الجداول والتواريخ المحددة، وذلك فيما يتعلق بالتطوير والتحديث المستمر للأسطول وتزويده بأحدث الطائرات التي تتوافق مع المتطلبات التشغيلية والتسويقية بهدف الوصول بعدد الأسطول مع نهاية العام القادم 2020 الى أكثر من 200 طائرة مع التخطيط لانضمام مائة (100) طائرة من طراز إيرباص من فئتي A320 وA321 نيو خلال السنوات القليلة القادمة في صفقةٍ هي الأضخم في تاريخ المؤسسة. وإلى أرض الوطن، واعتباراً من شهر أكتوبر القادم بمشيئة الله، يبدأ وصول أحدث طائرات البوينج في العالم من طراز دريملاينر 787-10 وذلك في إطار الخطة القائمة والمستمرة لمضاعفة أعداد طائرات الأسطول وتعزيز المكانة الرائدة للمؤسسة على المستويين الإقليمي والدولي، في الوقت الذي تحرص فيه على زيادة السعة المقعدية على القطاعات الداخلية وتطوير شبكة رحلاتها الدولية بإضافة المزيد من المحطات حول العالم، مع تحقيق معدلاتٍ جديدةٍ في حجم الحركة بنقل 36.4 مليون ضيف خلال العام الماضي 2018 من بينهم أكثر من 18.4 مليون ضيف على القطاع الداخلي بالإضافة إلى نقل ما يقارب «المليون ومائتي ألف حاج» في مرحلتي القدوم والعودة خلال موسم حج 1440ه مع تطويرٍ شاملٍ لمنظومة الخدمات في جميع المواقع وعلى متن الطائرات وصولاً إلى مستوى الخمسة نجوم TOP5 قريباً بمشيئة الله مع تقديم خدمات الطيران الاقتصادي بمنظورٍ عالمي عبر طيران «أديل». مع إشراقة يومنا الوطني.. نُشير بكل الاعتزاز إلى دور الخطوط السعودية في خدمة السياحة في مملكتنا الحبيبة التي تمتلك من الإمكانات والمعالم السياحية ما يؤهلها وبجدارة لتتبوأ مكانتها المستحقة على خارطة السياحة العالمية وذلك بتشغيل رحلاتها إلى مطار خليج «نيوم» وزيادة الرحلات إلى مطار الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز بمحافظة العلا مع تقديم كافة أوجه الدعم والخدمات للمهرجانات السياحية في كافة مناطق المملكة، بالإضافة إلى تشغيل رحلات إضافية وخاصة لنقل الضيوف من داخل المملكة وخارجها، هذا إلى جانب رعاية النشاط الرياضي والمنافسات الرياضية المحلية والعالمية مع تسابُق الرياضيين الدوليين والأندية العالمية إلى إقامة فعالياتها على أرض المملكة مع التعريف بمعالم بلادنا للضيوف الكرام على متن الطائرات من خلال الأعمال الوثائقية وعبر المجلة المرئية ومجلة «أهلاً وسهلاً» وفي كافة المناسبات والفعاليات. مع إشراقة يومنا الوطني.. تُؤكد الخطوط السعودية التزامها بإعطاء الأولوية المطلقة للاستثمار، وبلا حدود، في إعداد وتأهيل كوادرنا الوطنية بتنفيذ أكبر حركة ابتعاث في تاريخ الخطوط السعودية لخمسة آلاف من أبناء المؤسسة في علوم الطيران والصيانة ونظم السلامة فضلاً عن مراحل التدريب المختلفة في إطار برنامج رواد المستقبل مع قبول دفعات من بنات الوطن الحاصلات على درجتي البكالوريوس والماجستير لتأهيلهن لمواقع قيادية في إطار هذا البرنامج التدريبي الطموح لرواد ورائدات المستقبل. يضاف إلى ذلك برامج التدريب في المجالات التسويقية والإدارية والمالية وغيرها بما يوفر لهذه المؤسسة رصيداً متجدداً من الكوادر الوطنية لخدمة متطلبات ومشاريع التطوير في الحاضر والمستقبل. تلك كانت بعض المحطات الموجزة في رحلة الخطوط السعودية وإنجازاتها بما يتواكب والرؤية المباركة «المملكة 2030». وعلى طريق الأمجاد، تُواصل بلادنا الحبيبة مسيرتها المباركة، بإرادةٍ صلبةٍ راسخة رسوخَ جبل طويق، وبهمة.. تنطلق إلى القمة، ومنها إلى قممٍ جديدة، لتؤكد ريادتها ومكانتها في عالم اليوم، قوةً للخير والبناء والسلام. وفي الختام.. أتشرف في يوم الوطن، وبالإنابة عن منسوبي الخطوط الجوية العربية السعودية، برفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لمقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - أيدهما الله - وإلى الأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي النبيل داعين المولى العلي القدير أن يُديم على مملكتنا الحبيبة نِعم الأمن والأمان والتقدم والرخاء، وأن يحفظ أبطالنا حُماة الوطن الغالي وأن يتغمد شهداءنا الأبرار بواسع رحمته ورضوانه إنه سميعٌ مُجيب. * مدير عام الخطوط الجوية العربية السعودية