«عماد القوة في الدنيا اثنان: السيف والقلم، أما السيف فإلى حين، وأما القلم فإلى كل حين، السيف مع الأيام مكروه ومغلوب، والقلم مع الأيام غالب ومحبوب». «نابليون بونابرت». بهذه الحكمة النابليونية، التي استبعدت تأثير المفهوم المعروف للقوة، وانتصرت للعلم والثقافة والتنوير، تنطلق السعودية في يومها الوطني ال89، الذي يمثل «يوم الحصاد»، نحو تعزيز دورها الإقليمي والعالمي، وتثمين استثمارها في الإنسان السعودي، باستخدام «قوتها الناعمة» -«Soft power»- وبكلمة سر هي «الانفتاح على الآخر»، والعطاء غير المحدود لخدمة شعبها، وأمتها، وقضاياها، عبر ركيزة أساسية للنهضة السعودية قاعدتها الإنسان. في اليوم الوطني ال89 للمملكة، بشعاره «همة حتى القمة» تطل إلى الواجهة كل المبادرات والاستراتيجيات والفعاليات، التي كان لا يتوقع أشد المتفائلين أنها سترى النور يوما ما، إلا أنه استطاعت السعودية من خلالها، وفي وقت وجيز تقديم نموذج مختلف وحديث يبتعد عن الصورة النمطية التقليدية عن الدولة الكبرى في شبه جزيرة العرب. - لا يمكننا الحكم على أي هيئات المملكة كانت أكثر نجاحا من أختها، فالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني طرحت خلال العام الحالي 11 موسما سياحيا لاقت إقبالا منقطع النظير سواء من السعوديين أو الأشقاء الخليجيين أو حتى الزوار الأجانب، الذين أبدوا إعجابهم بالتراث والموروث العربي السعودي الأصيل. - ولا يكاد يفرغ المتابع من مبادرات السياحة، إلا وتشرق عليه الأنشطة ال20 للهيئة العامة للترفيه بمسابقاتها وجوائزها البالغة 20 مليون ريال، واستضافة 100 معسكر ترفيهي، وبحثها عن الموهوبين والموهوبات لينثروا إبداعاتهم في أكثر من 20 مجالا، ودعمهم للوصول إلى العالمية. - وما نلبث إلا وتستوقفنا وزارة الثقافة باستراتيجيتها العامة، ومبادراتها ال27، التي منها إقامة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، تأسيس الأرشيف الوطني للأفلام، أكاديميات الفنون، مجلات الآداب والفنون، معرض الفن السعودي المعاصر، الفرقة الوطنية للموسيقى، الفرقة الوطنية للمسرح..وغيرها. - ولأنها دولة بحجم قارة، وإمكانياتها كيبرة ومقدراتها متعاظمة، وتاريخها ثري، وحضارتها عريقة، وثقافاتها متعددة، وشعبها شاب وطموح، تحتاج السعودية لاستثمار تلك الإمكانيات الجبارة بما يخدم سياساتها ورؤيتها في خلق قوة ناعمة، تؤثر بقوة في المحيط الإقليمي والعالمي بوصفها قبلة للمسلمين، ورائدة لتوجهات العرب، عبر خطة إستراتيجية شاملة متكاملة الأركان، تضعها في مكانها اللائق، من خلال عمل مؤسساتي ممنهج هادف، عن طريق تنفيذ محموعة مبادرات تحقق الهدف والغاية، وذلك من خلال ثلاثة مسارات، وهي:- أولاً:- المسار الترويجي للقوة الناعمة، وذلك عبر ما يلي: 1- تدشين أنشطة وفعاليات سياحية وثقافية وترفيهية لاستقطاب شرائح اجتماعية متميزة من الدول التي لديها قواسم ومصالح مشتركة مع السعودية، الذين يمكن أن يكونوا أدوات ناعمة داعمة للقوة السعودية حول العالم. 2- إطلاق حملات لأعمال تطوعية ذات تأثير، تشمل مثلا التوعية بمرض الإيدز، وتقنية المعلومات، والمحافظة على البيئة، بالتنسيق والتعاون مع المجتمعات المدنية في الدول المستهدف فيها التركيز على ثقل القوة السعودية، ليكون هؤلاء الشباب هم الجسر الذي تعبر عليه السعودية للنفاذ عبره إلى شرائح المجتمعات من الدخل. 3- التسويق للقوة الناعمة السعودية من خلال تغيير قناعات وأفكار وتوجهات المواطن الغربي والآسيوي والأفريقي عن المفاهيم المغلوطة للإسلام وصورته المشوهة لديهم، بإطلاق حملات إعلامية ترويجية لكل المناشط والفعاليات والبرامج والمبادرات السعودية، التي تهتم بالجانب الثقافي والسياحي والترفيهي، وذلك من خلال حسابات مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك، تويتر، وأنستغرام)، وإظهار تلك الجهود بفيديوهات حية متنوعة؛ ترصد آثارها ونتائجها؛ ما سيكون له أكبر الأثر في تدعيم القوة الناعمة السعودية. ثانيا: المسار النسائي:- يهتم هذا المحور بإبراز أهمية دور المرأة في المملكة العربية السعودية، وعرض أنشطتها التي تشارك بها، بما يتيح لدول العالم الاطلاع على محتوى مغاير عن الصورة النمطية التقليدية عن دور وصورة المرأة السعودية والمجتمع العربي، وذلك من خلال ما يلي: 1-عرض بيانات عملية مصورة بشكل منتظم وغير متكرر للنشاط اليومي من قصص نجاح للمرأة السعودية في شتى الميادين العلمية والوظيفية والمعلوماتية، والمعوقات التي واجهتها وكيف تجاوزتها، ويمكن أن يحدث ذلك من خلال زيارات نسائية سعودية. 2- تسليط الضوء على الحياة الاجتماعية الأسرية التي تضطلع فيها المرأة السعودية بدور كبير ومتميز، بما يعكس جانبا هاما ومختلفا عن الحياة في السعودية عموما. 3- إطلاق مسابقة تحفيزية لنساء العالم لتعليم اللغة العربية، وتكون الجائزة عبارة عن رحلة سياحية للسعودية للتعرف على التراث الحضاري والسياحي والتاريخي للمملكة. ثالثا:- المسار الثقافي و الإعلامي 1-إطلاق جائزة لكل شباب وشابات العالم عن أهم الأفكار التي تعزز قيم الحوار والتعايش وقبول الآخر واحترامه. 2- تدشين قنوات على برنامج «يوتيوب» موجهة للعالم، تبرز أنشطة وفعاليات السعودية، تحت شعار «كيف نلتقي» يديرها كادر مؤهل مهني احترافي، يستهدف مخاطبة الشعوب الأخرى، ويخدم سياسات المملكة. 3- إقامة حوارات ثقافية بشكل دوري؛ لتكون حلقة وصل وحوار دائم بين حضارات وثقافات وشعوب دول العالم مع السعودية، خصوصا في الدول التي يهم المملكة أن يكون لها حضور دائم ومؤثر في سياستها وتوجهات شعوبها. 4- إطلاق فعاليات ذات طابع إنساني، مثل: برامج تبادل الزيارات على مستوى الوفود الشبابية والطلابية من مختلف أنحاء العالم، وعلى مستوى المثقفين والأدباء والنخب السياسية. 5- تفعيل برامج موجهة لفئات معينة من الدول الصديقة لزيارة المملكة، بالتوازي مع البرامج الموجهة لفئات أخرى من رعايا العالم الإسلامي.