في العام 2001 وبعد سقوط حكومة طالبان حرصت الهند من خلال زيارة وزير خارجيتها إلى زيارة الحكومة الموقتة آنذاك وكانت الطائرة التي تقل وزير الخارجية محملة بأنواع مختلفة من أفلام بوليود الهندية وكذلك الموسيقى لتوزيعها في كابل وهو ما تم فعلا، وتم استخدام الأفلام والموسيقى كأداة من أدوات القوة الناعمة الهندية. القوة الذكية هي عبارة عن مزيج من استخدام القوة الصلبة (العسكرية) وكذلك القوة الناعمة التي تشكل الثقافة مكونا رئيسا فيها، ونظراً لنوعية القوة العسكرية السعودية سأقتصر الحديث في المقال حول القوة الناعمة وأهميتها في تحقيق المصالح السعودية الإستراتيجية. مصادر القوة الناعمة تختلف من دولة لأخرى بحسب مواردها الثقافية ففي حين تروج أوروبا لذاتها وقوتها الناعمة بريادتها في مجالات الفنون والآداب والتصميم والأزياء والأطعمة والمتاحف نجد في المقابل الولاياتالمتحدة تروج لقوتها الناعمة من خلال تحقيقها مراتب متقدمة في تصدير الأفلام والمسلسلات بالرغم من أن إنتاج بوليود في الأفلام أعلى منها وكذلك من خلال الفائزين بجوائز نوبل في الفيزياء والكيمياء والاقتصاد وازدهار حركة التأليف والنشر، وكذلك نشر المقالات على المستوى العالمي وعدد الباحثين الأجانب في الولاياتالمتحدة وغيرها الكثير من المصادر التي عززت وتعزز من قوتها الناعمة بالرغم من انخفاض تصنيفها في استخدام القوة الناعمة إلى ثالث أفضل دولة في العالم بعد ألمانيا والمملكة المتحدة بحسب المسوحات التي نظمتها منوكل في العام 2013. ما يهمنا الآن هو التعريف الدقيق لموارد قوتنا الناعمة وكيف يمكن استخدامها والتي في تقديري الشخصي هي أهم بكثير مما لدى الآخر ولكننا لم نستثمرها إلى الآن بشكل نوعي وربما من أبرز مصادر قوتنا الناعمة هي وجود الحرمين الشريفين والحضارات المتعاقبة في الجزيرة العربية وغيرها الكثير من الموارد الثقافية الإيجابية والتي من المهم استثمارها من خلال إعداد إستراتيجية وطنية للقوة الناعمة يتم من خلالها الاستثمار في الصورة بتطوير إنتاج الأفلام السعودية وإنتاج سلسلة أفلام بلغات مختلفة لإبراز الحرمين الشريفين لمختلف أنحاء العالم بما في ذلك العالم الإسلامي وكذلك إنتاج سلسلة أفلام وثائقية تبرز الإرث الحضاري والتنوع الثقافي السعودي وأخرى لتغيير الصورة النمطية وإبراز جهود المملكة في مجالات مكافحة الإرهاب والتخفيف من معانات الدول من خلال المنح والجهود الإغاثية، وبالطبع تسير تلك الجهود مع جهود أخرى تتمثل في الاستثمار في وسائل إعلام عالمية وتطوير دور الملحقيات الثقافية بتنظيم مؤتمرات ومعارض دولية سعودية في مختلف أنحاء العالم اسوة بتلك المعارض الرائدة التي نظمتها وتنظمها الهيئة العامة للسياحة والآثار للتعريف بالآثار السعودية فضلا عن الاستفادة من الطلاب السعوديين المبتعثين في إيصال رسالة إيجابية عن المملكة وتنظيم حملات ترويجية للمملكة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وبلغات مختلفة، والترويج لبعض المهرجانات السعودية ذات الطابع الحضاري حول العالم كالمهرجان الوطني للتراث والثقافة وسوق عكاظ وغيرها الكثير من المقومات التي يمكن أن نحقق من خلالها نتائج إيجابية على مستوى القوة الناعمة لاسيما في الوقت الراهن وما تمر به المنطقة من تحديات تتطلب أن ترتقي القوة الناعمة السعودية إلى مصاف القوة الصلبة.