لم يستطع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو كتم ابتسامة سرور حين تحدث إلى الصحفيين الثلاثاء الماضي بعد قليل على الإعلان المفاجئ عن إقالة مستشار الأمن القومي جون بولتون. فمع رحيل بولتون بات بومبيو يمسك بلا منازع بالسياسة الخارجية، معززا نفوذه داخل الفريق المكلف تطبيق سياسة الرئيس دونالد ترمب. واغتنم وزير الخارجية الفرصة لانتقاد بولتون، لافتا إلى «خلافات في وجهات النظر» بينهما، وطرح نفسه في المقابل في موقع الوزير النموذجي، مشددا على حق الرئيس في اختيار «أشخاص يثق بهم». وقال خبير السياسة الخارجية في معهد بروكينغز للدراسات توماس رايت «إنه انتصار لبومبيو» موضحا أنه «لم يكن على توافق مع بولتون وكان يريد رحيله». ومع إقالة بولتون بات المدير السابق لوكالة (سي آي إيه) الذي عين على رأس وزارة الخارجية في 2018، آخر ركائز الفريق الدبلوماسي، مقاوما التعديلات والإقالات المتواصلة في عهد ترمب. ويتزايد نفوذه لدى ترمب الذي قال عنه مرّة إنه العضو الوحيد في حكومته الذي لم يتشاجر معه أبدا. وتأكد ذلك بعد يومين حين أعلن ترمب أنه «بحث» مع بومبيو احتمال تعيينه في منصب مستشار الأمن القومي مع احتفاظه بحقيبة الخارجية، في وقت كانت شائعات بهذا الصدد تنتشر في واشنطن. لكن الرئيس الجمهوري أضاف أنه تم التخلي سريعا عن هذه الفرضية، نزولا خصوصا عند طلب بومبيو نفسه الذي يفضل «أن يكون معه شخص» ينسق السياسة الخارجية. لكن مجرد أن يكون ترمب درس جديا منح بومبيو منصبين لم يسبق أن جمعهما سوى هنري كيسنجر من قبل، يكشف عن المكانة التي يحظى بها. وأضاف توماس رايت متحدثا عن بومبيو «إنه نافذ لأنه لا يروج كثيرا لأجندته الخاصة» مضيفا «يعرف متى يستسلم، يدفع باتجاه وجهات نظره، ثم يتخلى عنها سريعا إن شعر أن ترمب يمضي في اتجاه آخر». ولفت إلى أن هذا المحافظ الذي ينتمي إلى «الصقور» برز بمواقفه المتشددة حيال أعداء الولاياتالمتحدة، واضطر إلى التغاضي عن الكثير من مواقفه حين أُلزم على سبيل المثال بتنظيم لقاء مع القادة الإيرانيين أو الدفاع عن دعوة قادة طالبان إلى كامب ديفيد. لكن بومبيو بدا مؤخرا يشير إلى أنه لا يكتفي بالموافقة على كل ما يقرره ترمب وقال في مقابلة أخيرا «إن لم نكن متفقين، من واجبي أن أبدي له عدم موافقتي، وهو ما أقوم به أحيانا كثيرة». وأضاف «لكن حين يتخذ قرارا ويكون شرعيا، فإن دوري يقضي بتنفيذه بكل ما لديّ من طاقة وسلطة».