أمير الشرقية يرعى حفل تخريج الدفعة ال 46 من طلاب جامعة الإمام عبد الرحمن    السودان: مدينة الفاشر.. «جحيم على الأرض»    تحذيرات من الإفراط في التفاؤل بالمفاوضات الإيرانية الأمريكية    أوكرانيا وروسيا على مفترق طريق بين الحرب والسلام    إرهاب الاحتلال يمتد إلى الركام    مركز الدرعية لفنون المستقبل يفتتح معرض"مَكْنَنَة"    «الثقافة» توقع اتفاقية مع «تيك توك» لدعم القطاع الثقافي    «The Weeknd» يطلق فيلمه بالرياض    تعميق الشراكة الاقتصادية بين السعودية والهند    الأندية تصادق على مشروع توثيق 123 عامًا من تاريخ كرة القدم السعودية    بدءاً من الغد.. منع دخول المقيمين إلى مكة دون تصريحي عمل أو حج    «البلسم» تجري 138 عملية ناجحة في سوريا    ولي العهد يستقبل دولة رئيس وزراء جمهورية الهند    تأسيس جمعيات تعليمية غير ربحية    مدير عام التعليم بالطائف يلتقي بفريق مشروع التحول بالوزارة    صندوق التنمية الوطني يستعرض دوره المحوري في تنويع الاقتصاد وتوفير الفرص الواعدة    "فريق جامعة أم القرى يتصدّر هاكاثون الجودة الأكاديمية"    العالمي والقلعة ينذران آسيا    رئيس المالديف يستقبل البدير    ولي العهد يرأس جلسة مجلس الوزراء في جدة    موسم الحج روحانية تعانق السماء    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر العسيري الذي تنازل عن قاتل شقيقه    رئيس مجلس الشورى القطري يصل الرياض    محافظ أضم يدشن فعاليات أسبوع البيئة تحت شعار "بيئتنا كنز"    أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية أفغانستان لدى المملكة    محافظ الطائف يطلق ملتقى أفهموني لدعم أطفال وأسر التوحد    تقنية الأحساء تطلق برنامج "سواعد تقنية 2025"    بنزيمة يكشف سر التوقف عن تنفيذ ركلات الجزاء    نائب وزير الخارجية يستقبل مساعد وزير الخارجية مدير عام إدارة الشرق الأوسط وأفريقيا بوزارة خارجية اليابان    أمير منطقة جازان يشرّف حفل أهالي فرسان    تعليم الشرقية يحقق مراكز متقدمة في ملتقى "الربيع" التدريبي 2025    أمير الرياض يعزي في وفاة سعد البواردي    رئيس وزراء جمهورية الهند يصل جدة في زيارة دولة للمملكة    الرئيس العام للهيئات يلتقي منسوبي فرع المدينة المنورة    قطاع ومستشفى النماص يُنفّذ فعالية "يوم الصحة العالمي"    تمكين الأوقاف تحتفي بتخريج الدفعة الأولى من الزمالة المهنية في الأوقاف    انعقاد الملتقى السعودي الصيني لتعزيز التعاون والتبادل الأكاديمي في التعليم العالي ببكين    ارتفاع النفط إلى 66.62 دولارًا للبرميل    في الجولة 30 من يلو.. نيوم للصعود رسمياً لدوري الكبار    برشلونة يستضيف مايوركا في بروفة قبل الكلاسيكو    تناقش التحديات الاقتصادية العالمية.. وزير المالية يرأس وفد المملكة في اجتماعات الربيع    الأمن العام يحذر: الرسائل المجهولة بداية سرقة    رائد فضاء يعود في يوم عيده ال70 إلى الأرض    انطلاق معرض الصقور والصيد السعودي في أكتوبر المقبل    بعد وفاته.. حكم قضائي ضد حلمي بكر لصالح طبيب شهير    البحر الأحمر تكشف أسماء الفرق المُختارة ل"معمل المسلسلات"    الذهب يتجاوز 3400 دولار للأوقية    إعلاميون ل"البلاد": الأهلي مؤهل للتتويج ب" نخبة آسيا" بشروط!!    مُحافظ وادي الدواسر يفتتح دراسة مساعدي مفوضي تنمية القيادات    رأس الاجتماع الدوري للجنة السلامة المرورية بالمنطقة.. أمير الشرقية: القيادة الرشيدة حريصة على رفع مستوى الأمان على الطرق    ظاهرة الكرم المصور    "فلكية جدة": لا صحة لظهور الوجه المبتسم بسماء السعودية    فوائد    فوائد اليوغا لمفاصل الركبة    قطاع ومستشفى البرك يُنفّذ فعالية "خطورة استخدام المضادات الحيوية"    قطاع ومستشفى بلّسمر يُنظّم فعالية "اليوم العالمي لشلل الرعاش"    محميات العلا.. ريادة بيئية    أمير الرياض يضع حجر الأساس لمشروعات تعليمية في جامعة الفيصل بتكلفة تتجاوز 500 مليون ريال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل رأيت هيكلا عظميا.. يحتضن تاريخا؟!
نشر في عكاظ يوم 19 - 06 - 2019

أحيانا وأنا أكبر أستعيد زماني القديم، حقي! ولو في كل يوم لحظة، تأخذني الذكرى ويحتضنني الحنين إلى أماكن محفورة في داخلي، أذهب إلى عالم جميل أتذكر فيه أجمل اللحظات، من منا لا توجد لديه «نوستالجيا» المكان والأشخاص الذين مروا، والعطر واللفظ والأحداث والكثير من الأشياء التي تحملنا إلى عالم مضى عليه زمن، ولأن الزمن أصبح سريع التأثير في الأشياء التي تخصني، صرت أتردد على الأماكن التي لم تكن أماكن للنسيان، كانت أماكن للإقامة الأبدية في الشرايين، نغلقه على اللحظات التي عشناها فيها تحت الجلد واللحم والعظم، فلكل مكان بصمته، وطاقته، وتأثيره أو بمعنى أدق في نفسك وشخصيتك وربما تجبرك دون وعي منك لتغير نظرتك للحياة، ارتديت ملابسي، تنفست بارتياح، اتخذت طريقي نحو أقدم وأكبر مركز تجاري في شمال كنساس سيتي.. كنت أتردد عليه أنا وزوجتي وأولادي وأصدقاؤنا، ولأن القدر يأتي فجأة مثل لمح البصر، بهت بما شاهدت، لم أجد مركزاً تجارياً ولا مولاً، وجدت هيكلاً عظمياً خالياً يطل على باحة واسعة مسورة بشبك من الألمنيوم المفرغ بحجم ملعب الجوهرة المشعة يعج بسيارات مستهلكة للبيع، ثقوب الطين تتحول في دماغي إلى مغارات بدائية تتيه فيها الذكريات، ها أنا أمارس لعبتي المشتهاة، لعبه التذكر، نتذكر لنحيا، ونتذكر لنموت، ونتذكر لنكون، ونتذكر كي لا تكون هي الذكرى سجننا وحريتنا وحتفنا وميلادنا، هنا كان أضخم مركز تجاري في «كنساس سيتي» على الإطلاق، شجرة عالية أصلها ثابت وفرعها في السماء، أصبح جثة مجهولة، تمثال رخامي على أحد رفوف الذاكرة، كان كسفينة نوح يعج بجميع أصناف البشر، وكنا في مرحلة الدراسة المبكرة نقصده والحبيب عبدالرحمن الدخيل وعبدالعزيز المزروع في ليالي الشتاء، كان مقرا للسهر واللمة، وكانت الأحاديث فيه متعة الغرباء، وكان الفرح باذخا، تحول فجأة إلى ذكرى ياسمينة في صحراء، وثقب كبير يكبر كل يوم ويزداد اتساعا كغيره من المولات والمراكز التجارية في «أمريكا» التي أصبحت تسقط وتهوي واحدا يتبع الآخر، يحدث ذلك بشكل سريع وغريب، كذلك الشاعر اليوناني «اسنحولوس» الذي مات بعد أن سقطت على رأسه سلحفاة ضخمة أفلتها نسر من علو شاهق، والسلحفاة هنا هي «أمازون كم» ومواقع التجارة الإلكترونية والحوسبة السحابية، أكبر متاجر التجزيئية القائمة على الإنترنت، والنسر هو هذا العصر الذي حط من علو، والذي نعيشه الآن ومنذ ربع قرن، والذي شهد ميلاد ما يسمى الآن بالشبكة العنكبوتية وكذا وسائل التواصل الاجتماعي، الإنترنت والفيس بوك وتويتر وغيرها من المبتكرات التي أتاحها التقدم التكنولوجي في مجال الاتصال الإلكتروني، ومع أنها وسائل وابتكارات مفيدة بصفة عامة، وحققت تقدما كبيرا في التواصل الإنساني ونشر المعرفة والأخبار، إلا أنها للأسف وكائي سلاح ذي حدين، ساهمت في تحويل المولات والمراكز التجارية إلى بقايا شجر لم يعد يهتم أحد بسقوطها، الكل يقيم داخل زجاجة، لم أكن أؤمن قط أن الكساد التجاري في المولات أسبابه الشراء الإلكتروني وأنه النهاية، كنت أعتقد أنه عبور إلى شيء ما، قرأت كثيرا عن طغيان الشراء عبر المواقع الإلكترونية ولم أفهم اللغز الكبير، واللغز الكبير هو سحب البساط تماما من التسوق عبر المراكز التجارية والمولات وإغلاقها، وهذه الظاهرة تناسبت تماما مع التركيبة الإنسانية المذهلة لهذا «الأمريكي» والتي تدعو فعلا للتأمل الطويل، فالمجتمع الأمريكي بكل انفتاحاته الصادقة في أحيان كثيرة، يصبح هذا البني آدم في نفس الوقت في غايه الانعزالية وعدم القدرة على التواصل الاجتماعي المباشر، أذهلني كم القصص والتي عرفتها من أصدقائي الأمريكان في مختلف الأعمار عن كيفية إدارتهم لحياتهم عبر المواقع الإلكترونية، بداية من شراء البيت، للسيارة، للكلاب، للقطط، وانتهاء بشراء «حضن» نعم، فالأمريكيون لفرط عزلتهم أصبحوا يشترون الحضن.. الحضن ب 50 دولارا.. يا بلاش!.
* كاتب سعودي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.