تخلى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب (الخميس) عن تهديده باغلاق الحدود مع المكسيك، مشيرا إلى أن الجارة الجنوبية للولايات المتحدة بذلت جهودا في الأيام الأخيرة ضد الهجرة غير القانونية. وأبعد ترمب بذلك شبح قرار يمكن أن تكون عواقبه الاقتصادية كارثية على البلدين، لكنه فتح جبهة جديدة بتهديده باللجوء إلى السلاح التجاري لإخضاع مكسيكو. وقال ترمب عشية توجهه إلى مدينة كاليكسيكو الحدودية الصغيرة الواقعة على بعد نحو 300 كلم عن لوس أنجليس «نحن بحاجة إلى الجدار، لكننا بحاجة إلى أمور أخرى أيضا». وأضاف «إذا كانت المكسيك لا تريد أن تساعد، فليست هناك مشكلة، سنفرض رسوما جمركية على سياراتهم القادمة إلى الولاياتالمتحدة». وتابع مهددا «يمكن أن أفعل ذلك وهذا ليس مزاحا، يمكن أن أفعل ذلك». وقال «لا أعتقد أننا سنضطر يوما لإغلاق الحدود»، معتبرا أن الرسوم الجمركية سلاح رادع. وأثار هذا التصريح استياء مكسيكو التي عبرت عن أسفها لخلط واشنطن بين الأمرين. وقالت وزيرة الاقتصاد المكسيكية غراتسيلا ماركيز كولين في مؤتمر صحفي «بالنسبة للحكومة المكسيكية من المهم جدا الفصل بين قضايا الهجرة والمسائل التجارية». وجعل ترمب من مكافحة الهجرة السرية أحد المحاور الكبرى لولايته. وهو يدعو المكسيك باستمرار إلى وقف المهاجرين القادمين من أمريكا الوسطى -- خصوصا من الهندوراس وغواتيمالا والسلفادور -- ويعبرون أراضيها. وقد أكد (السبت) استعداده الكامل لإقفال الحدود الجنوبية للبلاد مع المكسيك في حال لم تتحرك سلطات هذا البلد سريعا لوقف تدفق المهاجرين إلى الولاياتالمتحدة. وقال ترمب السبت «في حال لم يفعلوا ذلك أو لم نتمكن من التوصل إلى اتفاق مع الكونغرس، فإن الحدود ستغلق وهذا الأمر مؤكد مئة بالمئة». وأضاف أن الإقفال قد يشمل «أقساما كبيرة من الحدود» وليس كلها، واعدا بموقف جديد «خلال الأيام القليلة القادمة». - «تأثير اقتصادي كارثي» - صرح ترمب في مكتبه في البيت الأبيض الخميس أنه «في الأيام الأربعة الماضية، قامت المكسيك بعمل رائع على حدودها الجنوبية (...) عبر توقيف أشخاص وإعادتهم إلى بلدانهم»، معتبرا أن ذلك يدل على أن إستراتيجيته مجدية. ويواجه ترمب منذ أيام انتقادات بشأن إمكانية إغلاق الحدود مع المكسيك، الاقتراح الذي واجه معارضة حتى داخل معسكره لأن تأثيره الاقتصادي سيكون كارثيا. وحذر زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل مطلع الأسبوع الحالي من أن «إغلاق الحدود يمكن أن يكون له تأثير اقتصادي كارثي على بلدنا وآمل ألا نفعل ذلك». ويعبر الحدود بين أكبر اقتصاد في العالم وشريكته التجارية الثالثة في الاتجاهين يوميا مئات الآلاف من الأشخاص و1,7 مليار دولار من المنتجات الزراعية والصناعية والسلع الاستهلاكية الأخرى. ومنذ بدء تطبيق اتفاق التبادل الحر بين الولاياتالمتحدةوالمكسيك وكندا في 1994 (أعيد التفاوض حوله بطلب من ترمب العام الماضي)، أصبحت قطاعات كاملة من الاقتصاد متشابكة. وتشكل المكسيك المصدر الأول للمنتجات الزراعية التي تستوردها الولاياتالمتحدة (2,7 مليون طن سنويا). ونادرة هي المحلات التجارية الواقعة شمال الحدود التي لا تبيع منتجات زراعية مكسيكية مثل الطماطم وغيرها، حتى أن المستهلكين الأمريكيين لا يتأثرون بالمواسم خلال تسوقهم. بقلم جيروم كارتييه