زحف غازي متوحش على بيئتنا الطبيعية، قادم من الخارج، وغريب في شكله عن تربتها وسمائها، ودخل إليها مع الأسف بأوراق ثبوتية رسمية من الباب وليس متسللا خلسة، ليشكل واجهات خضراء في اجتهاد خاطئ لم يكن موفقا، ولأنه لم يعد مرغوبا فيه داخل المدن والقرى آثر اللجوء إلى بطون الأودية ومنابت شجرنا الذي ألفنا وألفناه في أودية منطقة مكةالمكرمة ومناطق جنوب المملكة! إنه النبات المستور المسمى بالسمر الأمريكي (المسكيت) واسمه العلمي البرسوبس، الذي انتشر على مساحات شاسعة في الأودية والأراضي البور واستنزف المياه الجوفية السطحية والعميقة بشراهة، لما لجذوره من قدرة في مطاردة منابع المياه والوصول إليها وشفطها من منابعها بصورة متسارعة! ويشاهد المسافر الغابات الخضراء السامة منه التي تعافها الحيوانات على مساحات شاسعة من البيئة على الطرق الطويلة خارج المدن، ما ينذر باختفاء وندرة أشجار بيئتنا المألوفة كالأثل والسدر والأراك والقضب والتين البري وغيرها..! ومن خطورته يضايق الأشجار المعمرة ويسلبها ماءها فتتحول سريعا إلى هياكل خشبية للاحتطاب فيسهم في فنائها وتسهيل مهمة العمالة السائبة في تجميعها حطبا تتاجر فيه. وليس ببعيد إن حلت بنا كارثة التصحر البيئي ما لم تتدارك الجهات المسؤولة كوزارة البيئة والمياه والزراعة ووزارة الشؤون البلدية القروية في جميع مناطق المملكة، ذلك وتعتمد مشروعا وطنيا لمكافحة هذا الداء المستورد (البرسوبس)، وتطويق زراعته ومكافحته، قبل أن يتفاقم ويستفحل خطره فيأتي على الأخضر واليابس، ويتسيد أراضينا الزراعية على حساب منتجات مفيدة ويستنزف مياهنا التي نعاني من شحها قبل أن يصل هذا المتطفل الخطير، الذي أدخلنا في معضلة كبيرة أسهمنا بغفلة في جلبها بأنفسنا طائعين وإلا ما الذي يجعلنا نستقدم نباتا لم ندرسه بصفة علمية وحاجتنا له ومعرفة مواصفاته وفوائده ومضاره قبل استقدامه، فلقد تضررت منه بلدان عربية شقيقة رغم توفر الأنهار الجارية فيها كالسودان الشقيقة مثلا.! ألا فلنعترف بالخطأ لكي تسهل المعالجة، وأصبحنا نردد المثل الشعبي الدارج «يا من شرا له من حلاله علة». [email protected]