تشهد المملكة في عهد القيادة الحكيمة تطورا كبيرا على مستويات عدة، خصوصا في المجال الرياضي الذي شهد طفرة كبيرة أعادت الحياة للكثير من الرياضات وبلورت دورا جديدا لها. وكما اهتمت القيادة بالرياضات العادية، أولت أيضا اهتماما لافتا برياضات ذوي الهمم بهدف تعميق دمجهم في المجتمع وإثبات التفوق السعودي في مختلف الرياضات وعلى كافة المستويات. وبهدف التعرف على التطورات الجديدة التي تشهدها رياضات ذوي الهمم، لاسيما بعد إعلان مشاركة منتخب الأولمبياد الخاص السعودي في الأولمبياد الخاص (الألعاب العالمية)، حرصت «عكاظ» على لقاء الدكتورة هايدي علاء الدين العسكري وكيل الهيئة العامة للرياضة المكلف للتخطيط والتطوير، مساعد رئيس وفد المملكة العربية السعودية إلى الأولمبياد الخاص (الألعاب العالمية - أبوظبي 2019)، فخرجنا معها بالحوار التالي: • ما هو الاتحاد السعودي للأولمبياد الخاص؟ •• يهدف الاتحاد السعودي للأولمبياد الخاص إلى إطلاق إمكانات الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية، وشحذ عزيمتهم بالاستفادة من قدرة الرياضة على التأثير ونشر مشاعر الفرح. وسيسعى الاتحاد إلى تحفيز هذه الشريحة على ممارسة دور فاعل ومُنتج في المجتمع وتعزيز استقلاليتهم من خلال الأنشطة الرياضية، والتثقيف الصحي، والعمل على تعزيز بناء مجتمع شامل للجميع. ويعمل الاتحاد السعودي للأولمبياد الخاص على إبراز دور الرياضة في توحيد مختلف فئات المجتمع، والارتقاء بكل فرد من أفراده، بما يساهم في دعم الاقتصاد في المملكة. • ما الهدف من قيام اللجنة الأولمبية السعودية بتأسيس هذا الاتحاد الآن؟ •• في ضوء التحول الإيجابي الذي تشهده المملكة العربية السعودية، نود أن نلقي الضوء على الدور الذي يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية ممارسته لدعم هذا التحول. ولطالما كان التركيز في جميع أنحاء العالم - وليس في المملكة فقط - على الرياضيين المتنافسين في الألعاب الأولمبية، وبطولات الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والرابطة الوطنية لكرة السلة (NBA)، وغيرها من البطولات الرياضية الشهيرة، مع إغفال مشاركة الرياضيين من الأشخاص ذوي الإعاقة، خصوصا الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية في هذه البطولات. وبتأسيس الاتحاد السعودي للأولمبياد الخاص، سنوفر منصة تدعم هذه الشريحة من الرياضيين في المملكة، وتمكنهم من المنافسة دوليا وتمثيل بلدهم بكل فخر. وهي خطوة جاءت في وقتها، لاسيما مع قرب انطلاق الأولمبياد الخاص (الألعاب العالمية - أبوظبي 2019)، الذي سيقام خلال الفترة من 14 إلى 21 مارس في دولة الإمارات العربية المتحدة. وسيشهد هذا العام مشاركة أكبر وفد من السعودية إلى الألعاب العالمية، وكذلك مشاركة المرأة السعودية للمرة الأولى. وآمل شخصيا أن نستفيد من هذه الفرصة لنسلط الضوء على دور الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، ونرفع الوعي بإمكانات ومواهب رياضيي الألعاب الأولمبية الخاصة ليكونوا مصدر إلهام وفخر للمملكة بأكملها. • أين تكمن أهمية مشاركة المملكة العربية السعودية في الأولمبياد الخاص الألعاب العالمية 2019؟ •• تشكل دورة الأولمبياد الخاص منصة لرفع مستوى الوعي ولفت انتباه الناس إلى أن الرياضيين الذين يمثلون المملكة في هذه الألعاب لا يختلفون إطلاقاً عن أي فرد آخر في المجتمع، فهم يتمتعون بالموهبة والقدرة التي تمكّنهم من المساهمة في تطورها ورفعتها. ولا يقتصر ذلك على الرياضة وحسب؛ إذ يمارس العديد من رياضيي المنتخب السعودي للأولمبياد الخاص مهنا مختلفة ويساهمون من خلالها في تنمية اقتصادنا. فيضم المنتخب مسؤولي مبيعات، ومساعدي مدربين، ومدربين شخصيين معتمدين، وعاملين مع مؤسسات خيرية، وغير ذلك. على سبيل المثال، يعمل عبدالله، الذي يمثل المملكة في كرة السلة وتنس الطاولة في دورة الألعاب العالمية القادمة، لدى وزارة النقل السعودية؛ بينما يعمل ممدوح، أحد لاعبي فريق كرة السلة، مديرا للمبيعات؛ ويأمل مازن، لاعب الترياثلون، أن يوظف خبراته في تدريب الآخرين مستقبلا؛ أما حنين ، التي تلعب ضمن فريق كرة السلة للفتيات في الأولمبياد الخاص، فهي مساعد مدرب في «مركز العون» في جدة. ولا تقتصر مشاركتنا في الأولمبياد الخاص على توفير منصة تتيح للرياضيين المنافسة وتمثيل بلدهم بكل فخر، بل نسعى أيضا إلى إزالة جميع الحواجز والمفاهيم المغلوطة التي تحول دون إقامة مجتمع عادل يكون للجميع دور فاعل فيه. • من سيمثل السعودية في الألعاب العالمية 2019؟ •• سنشهد هذا العام مشاركة أكبر وفد من السعودية في الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص، إذ يضم منتخبنا 50 رياضيا من الطلاب والمحترفين من مختلف الأعمار والخلفيات ليثبتوا أن التنوع هو سر قوة وتميز المنتخب السعودي. ويشارك المنتخب في 10 ألعاب مختلفة ضمن الدورة، تضم كرة السلة، والبوتشي، وألعاب القوى، ورفع الأثقال، والتزحلق على العجلات، والسباحة، والترياثلون، وتنس الطاولة، والبولينغ، والرياضات الموحدة. كما ستشهد الدورة هذا العام مشاركة المرأة السعودية للمرة الأولى؛ إذ تشكل السيدات نصف منتخبنا تقريبا، وهن فخورات جدا بأنهن أول لاعبات يمثلن المملكة في الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص. ويرافق المنتخب وفد مكوَّن من 36 عضوا، يضم ممثلين عن الاتحاد السعودي للأولمبياد الخاص، وطاقما من الأطباء والمدربين، كما يشارك عدد من المتطوعين من المملكة، إلى جانب متطوعين آخرين من جميع أنحاء العالم في دورة الألعاب العالمية، للمساعدة في تقديم البرامج الصحية، ودعم جميع الفرق المشاركة، والمساهمة في تحقيق أهداف الدورة. • ذكرتِ بأن المنتخب السعودي في دورة الألعاب العالمية 2019 يضم 50 رياضياً، أخبرينا المزيد عنهم؟ •• يبلغ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية نحو 200 مليون شخص في العالم، ويشكل الأولمبياد الخاص فرصة استثنائية للرياضيين من هذه الفئة. وستشهد دورة الألعاب العالمية القادمة مشاركة أكثر من 7500 رياضي من أكثر من 190 دولة، وسيضم المنتخب السعودي 21 رياضية و29 رياضيا من مختلف مدن المملكة: الرياض، وجدة، والدمام، وأبها، والأحساء، والجوف.. وغيرها. وتم اختيار كل رياضي لقدراته المميزة في اللعبة التي ينتمي إليها. ومنهم من شارك سابقا في مسابقات دولية وحصد الميداليات، ومنهم من يشارك لأول مرة، لكن تجمعهم روح الإصرار لتحقيق النجاح، وإثبات أنهم قادرون على تمثيل بلدهم بأحسن صورة، تماما كأي شخص آخر يمثل المملكة في البطولات الرياضية الدولية. ولنأخذ سارة فلمبان مثالا، إذ فازت بالعديد من الميداليات في فعاليات رياضية أقيمت في المملكة وعالميا. وفي دورة الألعاب العالمية 2019، ستنافس سارة في لعبة البوتشي، وهي أيضا عدّاءة وسباحة، كما أنها من الطالبات الأوائل في فصلها الدراسي، ويصفها أصدقاؤها بأنها متفوقة في كل ما تفعله. لدينا أيضا معن؛ لاعب كرة السلة البالغ من العمر 25 عاما، الذي فاز بالميدالية الذهبية في «الأولمبياد الخاص، الألعاب الإقليمية التاسعة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2018»، كما فاز بالعديد من الجوائز الأولى في رياضات متنوعة، مثل البوتشي والسباحة. وشخّص الأطباء مشكلة في القلب لدى معن عندما كان بعمر 6 أشهر، وتوقعوا أنه لن يعيش أكثر من 12 شهرا، لكن ها هو اليوم يمثّل مملكتنا على الساحة الرياضية الدولية. • كيف تأملين أن ينظر شعبنا إلى الأولمبياد الخاص الألعاب العالمية 2019، والرياضيين السعوديين المشاركين؟ •• آمل أن يجد شعبنا في رياضيينا المشاركين في الألعاب الأولمبية الخاصة مصدرا للإلهام والفخر، تماما كما أجدهم في كل مرة أتفاعل بها معهم، وأنا أعتز حقا بهم وبجهودهم الحثيثة لتمثيل المملكة بأفضل ما يكون، وهم أيضا فخورون وسعداء جدا بهذه الفرصة، ويتطلعون إلى جلب الفوز والفخر لها، وتحت شعار «دعني أفوز فإن لم أستطع دعني أكون شجاعا في المحاولة»، الذي يتبناه الأولمبياد الخاص، سينطلق رياضيونا بموهبتهم وشجاعتهم في رحلة من الإلهام التي آمل - سواء فازوا أم لا- أن تغير حياتهم وتحفزهم لمتابعة أحلامهم، وأن تكسر من جهة أخرى نظرة المجتمع النمطية للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية.