الفُراق تجربة قاسية ومريرة للوالدين، حيث يترتب عليه إنهاء العلاقة الزوجية، ومن المؤسف جداً أنَّ هذا الفُراق يُحدِث آثاراً سلبيةً على الأبناء عادةً لا تؤخذ في الحسبان، وكثيراً ما نظنُ أنَّ الأبناء سيقبلون بالأمر الواقع دون التفكُر في مشاعرهم أو ما يترتب من ذلك على نفسياتهم، وفي الحقيقة أنَّ أثر انفصال والديهم صعب وقاسٍ جداً عليهم، مهما بلغ عمرُ الأبناء، فاعتبار أحد الوالدين في عداد المفقودين لا تنسى بسهولة. فالوالدان عندما يتخذا قرار الانفصال، فهنالك حتماً سبب قوي جداً من وجهة نظرهما أدى إلى طلاقهما، لما في بقائهما مع بعضهما قد ينتج آثاراً سلبيةً أكثر من انفصالهما، ولا نخفي بأن الطلاق مع كلِ ذلك يجعل من الصعب على الأبناء التكيف وقبول الوضع الجديد. لذلك فإن الأبناء يتأثرون من نواح عدة سواء من ناحية الإحساس بالفقد، فالابن يشعر بالحزن والفقد ببعد والديه عن بعضهما، وقد يجعلهُ يشعر بالنقص، ونظرة المجتمع له، فترى في عينيه نظرة الحزن والخيبة من ذلك، حيث يتمنى أن يرى نفسه في ظلِ والديه في منزلٍ واحدٍ يؤويهم. وشعوره بالغربة، فعندما يتزوج أحد الوالدين وتكون حضانة الابن لدى أحدهما، فإن الابن عادة لا يشعر بالانسجام مع الأسرة الجديدة، ويشعر بالخوف من أن يُتَرك وحيداً، لا أحد يُشعره بالاهتمام بسبب أنَّ كلاً من الوالدين، ينشغل بحياته باحثًا كلاً منهما عن سعادة نفسه، وقد يولد فراق الوالدين للابن الشعور بالغضب من أحدهما أو كليهما بسبب الانفصال، فقد يقوم بتصرفات غير لائقة أو سلوكيات غير صحيحة من أجل لفت انتباه والديه، والتعبير عن غضبه بسلوكيات خاطئة. وشعوره بالتشتت بين والديه، حيث يشعر بعدم الاستقرار، وعدم راحة البال، وشعوره بالقلق، فقد يعاني من الاكتئاب وضعف الأداء في دراسته، أو أن يكون سريع الانفعال نتيجة ذلك. لذلك أيها الوالدان من أجل تحقيق سعادة أبنائكما وخوفاً من الله فيهم، فابتعدا عن إظهار شجاركما وغضبكما ولا تتحدثا بصورة سلبية عن الطرف الآخر أمامهم، ولا تنسيا مشاعرهم واحتياجاتهم سواء أثناء أو بعد الطلاق، لذلك من الأفضل وضع المشاكل والمناقشات الحادة جانباً، فدوركما أيها الوالدان طمأنة أبنائكم وإعطائهم الشعور بالأمان، والتحدث إليهم بقلب مفتوح، والاستماع إلى ما يقولونه، فمهما كانت مشاكل الزواج فتذكرا أن الله قد حباكما ابناً جميلاً، فلا تكونا سبباً في تعاسة هذا الابن.