يسعى الإنسان بشكل دائم لاكتساب المكانة أو الحصول عليها وتحقيقها من خلال «القبول الاجتماعي»، باعتبارها مصدرا لمتعته وإرضاء غرور نفسه بطريقة تفرض على المجتمع تقديم الاحترام له حسب المعايير المحددة التي يضعها المجتمع في اعتباراته، قد يتطلب الأمر من الفرد أن يكون شخصا غير حقيقي ليحافظ على هذه المكانة التي يتشكل منها أمنه النفسي والاجتماعي، لكنه بالمقابل رغم احتياجه لإبراز حقيقته يبقى مستمرا في معاناة لا تنتهي، في محور صراع بين ما يريد وبين ما يتوقع الآخرون منه. مكانة الفرد هي ظاهرة اجتماعية تبرز بشدة في الوطن العربي، وهي مستمدة من التوقعات التي يقدمها الفرد في سلوكياته، بينما المطابقة بين السلوك والتوقع المحيط تجعله في الحيز السليم، برغم أننا لم نخلق لنكون نسخا متطابقة من بعضنا البعض، في الظرف الذي يخرج الإنسان من نفسه وخياراته الذاتية اللامحدودة ليقلد الآخرين في ما يفعلون. في بعض الحالات؛ إذا اختار الفرد نفسه وتصرف بناء على ما يتوقعه من ذاته، قد يضحي بالقبول الاجتماعي ويبقى غير مبال بما يحكى عنه، بينما يتقبل رفض المحيط الناتج عن خروجه عن تقليد المجموعة، وفي الحالات الصعبة قد يتدهور الفرد إلى سلوكيات جانحة بمقابل الرفض الذي لا يستطيع تقبله، كل ذلك من أجل إثبات ذاته حتى في التصرفات الخاطئة التي لا يرضى عنها في قرار نفسه، ولكنه بطريقة لا واعية يضطر لفعلها لتحقيق هذا الهدف، قد يوصله الحال إلى خسارة نفسه. هذا الموضوع يعيد النظر إلى احترام خيارات الفرد بالموازنة مع قوانين المجتمع، بضرورة وجود المناخ المتعدد الذي يستوعب جميع الاحتمالات الممكنة إزاء احترام الإرادة الحرة والذاتية للفرد، بصرف النظر عما تفرضه التقاليد والاعتبارات الاجتماعية المخالفة لسنن الكون في التنوع والتعدد، فكلما كان الفرد حقيقيا كلما كان لدينا فرصة في التغير والإنتاج والإبداع الذي يحقق قيمة التطور الاجتماعي الناتج من طبيعة الاختلاف، لأننا من سنكسب في نهاية المطاف ولو اختلفنا. * كاتبة سعودية