هناك علاقة مترابطة في ما بين حرية الفرد واستقلاله الذاتي وبين الإبداع الناتج عن عدم سيطرة الأسرة أو المجتمع على تصرفاته وأفكاره، وكما هو معروف بأن المجتمع الذي يوجه الأسرة بالضرورة يفرض القوانين ويسيطر على تصرفات أفراده بطرق غير معقولة، ما يتسبب في الكبت الاجتماعي، وبالتالي بروز ممارسات جانحة فردية بوصفها حالة تمرد تبقي الإنسان في محاولة مستمرة لتحقيق ذاته من خلالها، وكما يفسر الاجتماعيون بأن طاقة الفرد إذا لم تجد منافذها الصحيحة فستخرج على سلوكه في ممارسات خاطئة وقد تكون مدمرة له ولمحيطه في أسوأ الحالات. هذا الأمر يفسر حاجة المجتمع للتعددية التي ينتج عنها استقلال الفرد ضمن استيعاب المجتمع للاتجاهات الفكرية المتعددة فيه، ما يعني العودة للبنية الطبيعية لحياة الإنسان، أي أننا نريد جميعا العودة إلى ما كنا عليه من الانسجام والائتلاف واحترام اختلاف الآخر، إلى الحياة الطبيعية التي نستحقها. «نحن نعود لما كنا عليه» عبارة وردت من الأمير محمد بن سلمان ضمن تصريحات قدمها لتدشين مشروع اقتصادي ضخم وواعد لمستقبل المملكة الاقتصادي وهو مشروع «نيوم» وذكرها في هذه المناسبة بالتحديد لا يجعلنا نفهم منها العودة إلى الوراء، وإنما هي تفسر الحاجة إلى أنسنة المجتمع وفق رؤى متقدمة تواكب العصر والتغيير الاجتماعي وتسمح بتطوره بما يتوافق مع احتياجات هذا المجتمع ويتناسب مع طبيعته الأساسية التي بني عليها قبل مشروع الصحوة عام 79، الذي خلف آثاره السلبية على الفكر الاجتماعي وحان الوقت لتصحيحها. لا ينبغي أن تمحى الطاقات المبدعة والشابة وتضمحل في ظل عدم قبول الأسرة والمجتمع لها، بالتوجه إلى تنظيم التعاملات بسلطة القانون وتقنين التسلط الأسري والاجتماعي على حياة الفرد بصرف النظر عن جنسه، نحن بحاجة إلى استثمار الطاقات والمواهب وتبنيها والعمل على تطوير الثقافة من جميع المنافذ المتاحة لتحقيق ذلك، الأمر الذي يحقق في النتيجة نهضة المجتمع والوصول إلى مستقبله الواعد. ALshehri_maha@