كان يوم السبت الماضي يوما وطنيا تاريخيا حيث بدأ سريان قرار وقف زراعة الأعلاف والذي جاء بعد إيقاف زراعة القمح بسنوات، حيث أعلنت يوم أمس كبريات الشركات الزراعية السعودية إغلاق آخر بئر فيها. جاء القرار معتدلاً رغم مرارته على المستفيدين من زراعة وتجارة الأعلاف ومربيي الأغنام والماشية، حيث استثنى القرار المزارع المتوسطة والمزارعين الصغار. هنا يأتي السؤال كيف تتم الاستفادة من المساحات التي توقفت زراعتها بالأعلاف وكيف ستتم الاستفادة من الميكنة الزراعية التي توقفت تبعا للقرار؟ والسؤال الأهم كيف يمكن خلق فرص استثمارية بديلة لمن خسروا زراعتهم وتجارتهم جراء هذا القرار خاصة في المناطق التي يعتمد أهلها على الزراعة؟ من محاسن الصدف أن يتزامن تنفيذ قرار وقف زراعة الأعلاف والذي أعلن وزير البيئة والمياه والزراعة بأنه سيوفر 8 مليارات م3 من المياه سنويا، بالتزامن مع هطول أمطار الخير التي عمت أغلب أرجاء المملكة وبكميات بلغت في بعض المناطق والمحافظات مستويات غير مسبوقة منذ سنوات حيث بلغت في محافظة الوجه حوالى 93م وفي حائل 42م وفي حفر الباطن حوالى 30م. لكن السؤال هل ستستفيد المملكة من الأمطار التي هطلت؟ كيف؟ أم أننا سنبقى ننظر لهذه الأمطار والسيول بأنها أخطار علينا تجنبها والحذر منها ونكتفي ببيان الدفاع المدني بتجنب الاقتراب من الأودية والشعاب؟ كيف نجعل من الأخطار فرصا ومكاسب؟ كيف نجعل الناس يستمتعون بالمطر ويستفيدون من مياه الأمطار؟ وكيف نتجاوز الخوف من الأمطار الغزيرة إلى مرحلة الاستفادة القصوى من كل قطرة مطر في الزرع والتشجير وتخزين المياه؟ هل ننقل معركتنا مع السيول من الحذر والخوف والتخلص منها إلى مرحلة الاستثمار الأمثل لها والاستفادة القصوى منها في كافة مناطق المملكة وفي كافة مجالات الاستخدامات؟ لقد سهلت التقنية والأساليب التقنية الحديثة اليوم كافة المجالات من مراقبة وتوجيه وتخزين مياه الأمطار والسيول والاستفادة منها في استخدامات عديدة منها الشرب وزراعة مصادات الرياح وإيقاف زحف الرمال والزراعة الجبلية وحقن الآبار وتعبئة السدود وزراعة الغابات في المناطق الصحراوية بأشجار الغابات والأشجار الحرشية خاصة صحراء النفود وصحراء الربع الخالي وصحراء الدهناء وجعلها منتجعات سياحية ومحميات للحيوان والنبات والأشجار والتوسع بالمناطق الصديقة للبيئة والإنسان والحيوان؟ يوجد لدينا حاليا حسب نشرة وزارة البيئة والمياه والزراعة حوالى 500 سد موزعة في بعض مناطق المملكة، في حين تفتقر مناطق الجوف والحدود الشمالية والمنطقة الشرقية للسدود، وتخطط الوزارة حاليا للوصول إلى 1000 سد خلال المرحلة القادمة، نتمنى أن تكون قريبة زمنيا وشاملة جغرافيا لكافة مناطق المملكة. كما تخطط الوزارة لإعادة استزراع المدرجات الجبلية بالاستفادة من مياه الأمطار. إنني متفائل بالحراك الذي تقوم به الوزارة، على صعيد التخطيط بتوسيع رقعة التشجير ونشير هنا إلى أهمية أن تتوسع بتوفير وتصنيف الأشجار المثمرة وأشجار الزينة وأشجار الظل وأشجار المصادة للرياح ووقف زحف الرمال. أشير هنا إلى أهمية التنسيق بين وزارة البيئة والمياه والزراعة وهيئة السياحة الوطنية وغيرها من مؤسسات لإقامة المنتجعات الصحراوية الصديقة للبيئة خاصة في النفود والربع الخالي والدهناء. إنني أتمنى أن تضاعف الوزارة جهودها بتشجيع الزراعة الذكية التي تقوم على كثرة الإنتاج وتوفير المياه واستخدام التقنية والتوسع بالزراعة العضوية مراعاة لصحة الإنسان والبيئة. كما أن الوزارة مطالبة مع المؤسسات المعنية بتأسيس مؤسسة مستقلة لمراقبة الزراعة العضوية والتحقق من صحة ومصداقية المزارعين. الوزارة كذلك مطالبة مع بنك التنمية الزراعية والمجتمع المدني، بإيجاد فرص تصنيع الأغذية والتوسع بالتصنيع الزراعي وتسهيل حصول المواطنين على تلك الفرص وتذليل كل الصعوبات والإجراءات. أخيرا الوزارة والجهات المختصة مطالبة بإقناع مزارعي وتجار الأعلاف والأغنام، بأن هناك فرصا بديلة عن زراعة الأعلاف، والاستفادة من المساحات والميكنة التي تم وقف زراعتها بالأعلاف. * كاتب سعودي [email protected]