رغم أن التقاليد جرت في العراق بأن تسمي الكتلة الأكبر داخل البرلمان مرشحها الذي يكلفه رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة، إلا أن هذه التقاليد تغيرت مع تسمية رئيس حكومة مستقل (عادل عبد المهدي)، حتى قبل أن تتضح معالم الائتلاف البرلماني القادر على تشكيل الحكومة الجديدة. وسيكون أمام عبد المهدي 30 يوما لتشكيل الحكومة. وشهد اختيار عبدالمهدي مفارقة، إذ رشح الرجل خصوم السياسة المتناحرة والتقى رجل إيران في العراق هادي العامري مع مقتدى الصدر المناوئ لطهران وهو الأمر الذي أثار استغرابا لدى البعض. لكن كيف توافق تكتل «سائرون» مع حلفاء إيران في البرلمان؟ مصادر برلمانية عراقية أكدت ل«عكاظ» أن عملية اختيار عادل عبدالمهدي رئيسا للوزراء شهدت تجاذبات سياسية كبيرة، وقالت المصادر، إن هذه التجاذبات كشفت عن تفاهمات مسبقة بين الصدر وعمار الحكيم زعيم تيار الحكمة المنضوي في «تحالف سائرون» على أن يكون عبدالمهدي رئيسا للحكومة. وكشفت المصادر ذاتها أن مقتدى الصدر تحفظ في بداية الأمر على شخصية عبدالمهدي لقربه من إيران غير أن الحكيم أبلغه بابتعاده عن إيران منذ انشقاق «تيار الحكمة» عن المجلس الإسلامي الأعلى الذي كان عبدالمهدي أحد قادته. وأفصحت المصادر أن قرار ترشيح عبدالمهدي اتخذه الصدر والحكيم بالتشاور مع عدد من الحلفاء، وهو ما أثار حفيظة رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي المنضوي في تحالف الصدر والذي كان يتوقع ترشيحه لولاية جديدة، الأمر الذي اعتبره خديعة تعرض لها ما دفعه لإجراء مناورة سياسية من خلال إعادة اقترابه من تحالف دولة القانون بقيادة نوري المالكي، غير أن هذه المحاولة باءت بالفشل. ويالنظر إلى عادل عبد المهدي (76 عاما)، صاحب الباع الطويل في السياسة العراقية، كشخصية مستقلة قادرة على مسك العصا من المنتصف في العلاقة بين الأطراف الداخلية والخارجية الحاضرة بقوة على الساحة السياسية العراقية. وهو يقف اليوم أمام مهمة صعبة تتمثل برسم مستقبل العراق للسنوات الأربع القادمة من خلال حكومة يجب أن تبصر النور في غضون 30 يوما.