كتب د. جاسر الحربش مقالاً في جريدة «الجزيرة» قبل أشهر ينصح باجتناب وجبة العشاء، وفوجئ برد يدعو عليه. فقد نشر يوم الأربعاء 9/1/1440ه يقول: «ما زال في الذاكرة تعليق طريف في تويتر من أحد القراء على مقال كتبته عام 2012م عن وجبة الليل والسهر حتى الفجر. حاز ذلك المقال على انتشار واسع في مواقع التواصل في الداخل والخارج وما زال يتكرر حتى اليوم. القارئ المفجوع آنذاك من تحريضي ضد وجبة العشاء غرد بالجملة التالية: هو صادق الحربش يوم أنه يبينا ننام وضلوعنا لاصقة ببطوننا، عساه للجوع اللي يقص ضلوعه». إن كثيراً من الناس يستهينون بالدعاء، فهذه تدعو على زوجها تقول: «الله يقلعك» فإذا به يقع ضحية حادث وينقلع عنها أسبوعاً، أو شهراً، في المستشفى، أو يخرج من الحياة كلية. أما دعاء الأب أو الأم على ذريتهم فهذه جريمة، وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاعتداء في الدعاء، فكيف إذا كان الوالد أو الوالدة تدعو على ابنها أو ابنتها؟ حتى إذا استبد بهما الغضب فيكفي أن يقول الواحد منهما: الله يصلحك، الله يهديك. وجاءت آية سورة الإسراء لتهذيب اللسان وإمساكه عن الدعاء بالشر، قال تعالى: {ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا}. وقد فسر الشيخ محمد علي الصابوني في كتاب «قبس من نور القرآن الكريم» هذه الآية فقال: «من طبيعة الإنسان التعجل وعدم التمهل، وقد يدعو على نفسه وعلى أهله وأولاده بما لا يحب، ومن رحمة الله أنه تعالى لا يستجيب لهذا الإنسان العجول في دعائه بالشر، كما يستجيب له في دعائه الخير، ولو استجاب له لهلك، أو أصابه ما لا تحمد عُقباه، ولهذا قال تقدست أسماؤه: {وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا} والمعنى: يدعو الإنسان بالشر على نفسه كما يدعو لها بالخير، ولو استجيب له في ذلك لهلك ودُمر، وهذا لما جُبل عليه من العجلة». إن من أسماء الله الحسنى «المجيب» فهو يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، فلماذا ندعو في لحظة غضب بالشر ونندم عليها فيما بعد؟.. علينا ضبط أعصابنا ولا ندعو الله إلا بما فيه خير لنا ولمن حولنا. وإني أشك أن ما نمر به من مصائب وبلاوي ما هي إلا نتيجة تساهل الناس في الدعاء.. ويا أمان الخائفين. السطر الأخير: قال شمير بن الحارث الضبي كما جاء في «خزانة الأدب» للبغدادي: أتوا ناري فقلت: منون قالوا سَراةُ الجنِّ قلت: عِمُوا ظلاما فقلت: إلى الطَّعام فقال منهم زعيمٌ نحسد الإنسَ الطعاما لقد فُضِّلتم بالأكل فينا ولكنْ ذاكَ يُعقبِكم سَقاما * كاتب سعودي [email protected]