قد يتساءل البعض هل الإفراط في المحبة يعتبر مرضاً ؟ قد يكون الجواب نعم، وهذا ما اعتبره بالفعل أطباء العرب المسلمون كالرازي وابن سينا والبغدادي وغيرهم. ولكننا بالطبع لا نختلف أن في هذه الحياة لا يوجد إحساس أسمى وأطهر من الحُب، الحُب الصادق الذي يأتي دون موعد أو ترتيب ودون سابق إنذار فيصيب الإنسان كقدره المحتوم الذي لا فرار منه ولا (فكة). يقال إن للحُب مراتب كثيرة، أولها الحُب نفسه، وهو شعور المحب باضطرابات غير مفهومة في القلب والعقل عند اللقاء بالمحبوب. وثانيها الصبابة وهي الشوق الشديد. وثالثها الهوى وهي محبة المحبوب والسيطرة على قلبه. ورابعها العلاقة وهي مرحلة الحب والهوى الملازمين للقلب للأبد. وخامسها الجَوى وفي هذه المرحلة يتحول الحب إلى داء (اللهم حوالينا ولا علينا) يلازم صاحبه على المدى الطويل. سادس المراتب تسمى الخلة وفي هذه المرحلة يصل المحب لدرجة عدم وجود أي خلل في شريكه؛ لذا قالوا الحُب أعمى. وسابعها الكَلف وهنا يصل المحبون لدرجة الولع وانشغال القلب. وإذا تطور الحال يصل لثامنها وأشدها وهو العشق الذي يتجاوز مرحلة الحب. ثم يصاب بالشغف وهو الحب الشديد الذي يحرق القلب حرقاً حتى يسود من شدة الحب، وبعدها يصل لآخر مراحله ويصبح متيماً في الهوى لا يرى في من يحب أي عيوب، وإذا تطور حاله أكثر وأكثر سيصاب بالوله، وهنا يصل الحب لدرجة جنونية، فلا تحلو له الحياة دون محبوبه، فقربه بجانبه يشعره بالفرح والسرور، وغيابه يقتل الفرحة بداخله. وآخر مراتب الحب وأصعبها هي مرحلة تسمى الهيام، وهي التي يصل فيها المحب لآخر مراتب الجنون فيرفع عنه القلم ولا يؤاخذ على (هباله) أو تصرفاته التي قد تبدو لا عقلانية أو غبية بعض الشيء نظراً لتغيب عقله تماماً في هذه المرحلة المستعصية. وبالطبع التدرج في تلك المراحل ليس خطراً ولا مكروهاً، بل أن يعيش الإنسان بلا حُب أو عاطفة هذا هو المكروه بذاته. لذا املأوا قلوبكم بالحب دائماً وعيشوا به، لا تلوثوا النقاء بداخلكم بالبغض والكُره لبعضكم البعض، فالحُب يطهر الأنفس والقلوب، ويجعل الإنسان يعيش في تصالح دائم مع ذاته ومع الآخرين. لا أدري ما الذي دفعني للكتابة عن الحُب، ربما كان تأثير اللحظة التي أعيشها الآن، فالكتابة تختلف تحت تأثير الموسيقى، وتختلف تحت تأثير اللحظة الجميلة، وتختلف تحت تأثير المزاج والنفسية المُتجلية في سماء الغرام. والآن وبمنتهى الصراحة، أنا في خلوة مُباحة مع ريهام التي أحبها لدرجة الهيام، وربما يجدر بي أن أقول لستُ مريضة ولا مجنونة، كل ما في الأمر أني متصالحة جداً مع نفسي الليلة، أسامرها وتسامرني، أجاذبها أطراف الحديث، وأبادلها العشق وتبادلني الغرام. أنتهي إلى هنا، فلقد واعدتني الليلة على عشاءٍ فاخر، وقبلت دعوتي بكل سرور، وأهدتني هدية، أرفع قلمي الجاف وأترككم لأستمع وأستمتع بصوت السِت وهي تقول: ياللي ظلمتوا الحب وقلتوا وعدتوا عليه قلتوا عليه مش عارف ايه ! ايييييه، عظمة على عظمة يا سِت. * كاتبة سعودية Twitter: @rzamka [email protected]