يبدو أن مجتمعنا قادر على تحويل بعض الفئات من عمال إلى متسولين، وإذا كان تدني أجور بعض هؤلاء العمال ومماطلة بعض الشركات والمؤسسات تسليم عمال آخرين أجورهم ورواتبهم يقف وراء ظاهرة التسول التي تمارسها بعض العمالة الوافدة، فإن جهل كثير منا بالطرق التي ينفقون بها الأموال التي يتصدقون بها والفئات التي تستحق هذه الصدقات قد أسهم في تحويل عمال آخرين إلى متسولين. من ذلك ما بات ملحوظا من تحول بعض عمال النظافة إلى ممارسة التسول، وهو تسول إن لم يكن صريحا فإنه تسول موارب تكشف عنه تجمعاتهم أمام المتاجر وعند صرافات البنوك وإشارات المرور، وهي تجمعات تنتظم في الليل والنهار يحملون مكانسهم ويجرون براميلهم ويتنقلون بين السيارات في مشهد لا يليق بهم ولا يليق بالبلد الذي جاءوا منه أو جاءوا إليه. وظاهرة هذه العمالة التي تمارس التسول الموارب يبدو أخطر مما يظهر لنا، فخلف هذه الظاهرة عمل منظم يتم فيه توزيع المواقع وجدولة أوقات الوقوف، بل يبلغ الأمر تأجير بعض هذه العمالة أرديتهم التي توزعها عليهم شركات النظافة التي يعملون فيها على عمال من شركات أخرى وتقاضي بعضهم رسوما مقابل تنازلهم عن المواقع الإستراتيجية التي يرون أنها أكثر ارتيادا من قبل المتبرعين لهم والمتصدقين عليهم. كل ذلك يفرض أن تتدخل الجهات المسؤولة عن مكافحة التسول، وأن يتوقف المواطنون عن استدراج هؤلاء العمال إلى التسول بما يقدمونه لهم من صدقات لا يستحقونها.