معادلة السياسة الدولية في الوقت الحالي لا ترتكز بشكل كبير على نفقات الدولة العسكرية أو صافي الناتج المحلي فحسب، بل اتجهت إلى معايير أخرى لقياس قوة كل دولة، فسياسة الأقطاب المتعددة أصبحت المسيطرة إضافة إلى عامل العولمة. معايير القوة في العلاقات الدولية تختلف مع مرور الزمن، فالعلاقات بين الدول تحدد القوة اللازمة للتفعيل في الوقت الحالي. وتمتلك السعودية مصادر مختلفة للقوة تميزها عن كثير من الدول، كالحرمين الشريفين، موقعها الجغرافي، البنية التحتية القوية والموارد الطبيعية، كما أنها هي الأكبر مساحة والأكثر سكاناً وثروة بين دول الخليج العربي. وبحسب ما نشرته صحيفة «The Independent» البريطانية في 17 مارس 2017، حلَّت المملكة في المرتبة التاسعة بين أقوى 23 دولة حول العالم، والأقوى عربياً، وذلك استناداً إلى معايير مختلفة بما فيها التاريخ الثقافي، المواطَنَة، جودة الحياة، إضافة إلى القوة من حيث التأثير الاقتصادي والسياسي، وكذلك قوة حلفائها الدوليين وقدراتها العسكرية. وحالياً، تنفذ 65 دولة في العالم نظام التجنيد الإجباري، بينها 11 دولة عربية أبرزها مصر، وآخرها الكويت. إن تطور مفهوم القوة في المملكة مع رؤيتها 2030، أثبت أن شعبها من أهم مصادر قوتها، كما أن «نظام توطين أو سعودة الوظائف» جعل كل سعودي وسعودية مصدراً من مصادر القوة، ويداً عاملة تساعد في نماء الوطن اقتصادياً وسياسياً، لذلك من الضروري بموازاة ذلك إكسابهم المزيد من المهارات الجسمانية والعقلية والتكتيكية الإستراتيجية، وذلك لا يأتي في مجمله إلا بتنفيذ التجنيد الإجباري، ليس فقط عسكرياً، بل تقنياً أيضا، في ضوء التطور التكنولوجي والأمن السيبراني الذي فرض نفسه حديثا على العلاقات الدولية. وتحفيز أبناء الوطن على الالتحاق بالتجنيد بمجرد انتهاء المرحلة الثانوية عند بلوغ 18 عاماً لمدة 12 شهراً، يرسم في أذهانهم صورة وطن قوي، يدفعهم للوقوف معه في حالة السلم قبل الحرب، وهو ما سيكسبهم الانضباط، والالتزام، وحمل لواء الوطن ثقافيا، عسكرياً وتقنياً، وبالتالي مساهمتهم في الدفاع عن أرضه وسيادته، إضافة إلى زيادة الانتماء الوطني تجاه بلدهم، وتعليمهم نمطًا آخر للحياة مغايراً لنمط الرفاهية التي توفرها الحياة المدنية؛ ما يضمن حفاظ المملكة على قوتها بفضل سياسة حكومتها الرشيدة وبدعم شعبها المحب. [email protected]