«إعاقتي لم تمنعني».. ميثاق اتخذه أحمد المكرفح، شعاراً ومنهجاً له في حياته، مغالبا طوال 11 عاماً شلله النصفي الذي أعاق حركته ولم يعق طموحه ومثابرته ورغبته في تحدي الصعاب. يروي المكرفح (33 عاما) قصته ل«عكاظ» إذ أصيب بشلل نصفي في حادثة مرورية بعد تخرجه مباشرة من كلية المعلمين مع مرتبة الشرف، ثم بدأت معاناته للبحث عن وظيفة، وحصل على «الماجستير» بتقدير ممتاز، والآن هو على مشارف «الدكتوراه». واصطدم الشاب الطموح بعدم تجاوب جامعتي الملك عبدالعزيز وجامعة جدة مع معاناته، فلم يتم قبوله ضمن أعضاء هيئة تدريسهما، رغم حصوله على درجة «الماجستير» في تخصص اللغة العربية بتقدير ممتاز من جامعة الملك عبدالعزيز عام 1435. وللمكرفح مسيرة علمية مضيئة، تستحق أن تروى، لكل من يريد أن يتعلم العصامية والإرادة والإصرار، إذ تخرج في كلية المعلمين بجدة قسم لغة عربية عام 1426، وكان الأول على دفعته، وحظي آنذاك بالتكريم من محافظ جدة الأمير مشعل بن ماجد، فتقدم حينها إلى وظيفة معيد في الكلية، وبعد اجتيازه المعايير المطلوبة للترشح، اختير ضمن مجموعة للوظيفة المطلوبة. يقول المكرفح: «رفعت أوراقي إلى وزارة التربية والتعليم في الرياض آنذاك، واستدعى الأمر سفري إليها، لكن القدر استبق الأمل، إذ تعرضت لحادثة مرورية وأنا في طريقي إلى الرياض، قضيت حينها ما يقارب العام في المستشفى، لتلقي العلاج والتأهيل، وأصبحت من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة مقعداً على كرسي، لا أستطيع السير». وأضاف: «رغم إعاقتي، لم أفقد الأمل في إكمال مسيرتي التعليمية، وتحقيق بغيتي الوظيفية، فالتحقت ببرنامج الماجستير قسم اللغة العربية بجامعة الملك عبدالعزيز، وبعد 4 سنوات من الجهد والبحث المستمر، منحت درجة الماجستير بتقدير ممتاز، إلا أنني حين تقدمت لإدارة الجامعة فوجئت بعدم قبولي ضمن أعضاء هيئة التدريس فيها، وأتمنى أن تنظر الجامعة في أمري باهتمام لتحقيق رغبتي في أن أصبح أكاديميا ضمن منسوبيها، وكانت لي محاولة في جامعة جدة بواسطة وزارة الشؤون الاجتماعية لكن ردهم لي بأنه ليس لديهم احتياج». متأسفاً على وضعه الحالي «أقراني لديهم وظائف وعائلة، رغم أني رجل متفوق وحاصل على شهادات عليا إلا أني لم أصل إلى الهدف الذي عزمت على تحقيقه بعد إصابتي بالشلل النصفي قبل 11 عاما، وهو الحصول على حياة طبيعية». الجامعة ترحب.. ووالده يناشد.. ومحامٍ: الأولوية له يقول والده علي المكرفح: «أحمد متفوق منذ المرحلة الابتدائية، ويحصل على أعلى الدرجات، وشعرت أن له طموحا كبيرا سيكون له شأن بعد تخرجه، وبعد استلام وثيقة التخرج من كلية المعلمين وتم تكريمه من محافظ جدة الأمير مشعل بن ماجد لحصوله على المركز الأول في الكلية، تقدم لوظائف مختلفة أجبرته للسفر إلى الرياض، وهناك تعرض لحادثة مرورية حولته إلى معاق بشلل نصفي، ثم دخل في فترة علاج لمدة عام، بعدها وجدت لديه الرغبة في مواصلة تعليمه وتحقيق أهدافه وبالفعل حصل على الماجستير بتقدير امتياز ومازال يبحث عن الوظيفة حتى الآن». وأوضح بالقول «أنا رجل تجاوزت 60 عاما، ولا أستطيع الاهتمام به أكثر من ذلك، ويجب عليه الاعتماد على نفسه والحصول على وظيفة والزواج وتكوين عائلة والاهتمام بها شأن كشأن أي شاب». وناشد المسؤولين بالنظر في معاناة ابنه ومساعدته حتى يستطيع أن يعيش حياة طبيعية، فلديه الشهادات العلمية بتفوق، ولديه الرغبة والإمكانية، ولن تمنعه الإعاقة من إثبات وجودة. من جانبه، يقول المحامي محمد القرني: «هذا الشاب المميز الحاصل على شهادات عالية واحتفت به الدولة وحصلت له الحادثة وهو ينتظر التعيين، لم تمنعه الإعاقة من مواصلة تعليمية، رغم أن 99% ممن يحدث لهم ذلك يستسلمون للوضع»، مضيفا «الإعاقة لم تمنع أحمد من الحصول على الماجستير بامتياز، واستغرب من أن جامعتي الملك عبدالعزيز وجدة لم تقدرا ذلك رغم أن له الأولوية حسب النظام، لأنه شاب سعودي ومعاق ولديه الطموح، لذلك يجب وضعها في عين الاعتبار». في المقابل، أكدت جامعة الملك عبدالعزيز أن آلية قبول المتقدمين على وظائف معيدين (أعضاء هيئة تدريس) تتم بناء على اللائحة المنظمة من مجلس التعليم العالي، وتعتمد في الدرجة الأولى على المفاضلة بين المتقدمين من حيث المعدل الدراسي، والمقابلة الشخصية، وليس صحيحاً أن بعض ذوي الاحتياجات الخاصة محرومون من التقدم أو الحصول على وظائف معيد، فالجامعة تضم عدداً من الزملاء من ذوي الاحتياجات الخاصة، تم قبولهم معيدين في كليات مختلفة، ومن ثم تم ابتعاثهم للماجستير والدكتوراه، وعادوا أساتذة في الجامعة ولهم دور فاعل جداً في المهمات العلمية والإدارية.