بعد سنوات من الروتين القاتل، والرتابة التي جعلت المشاهدين يهربون من القنوات التلفزيونية السعودية ويلجأون الى مئات القنوات التي يحملها الفضاء بحثا عن الفائدة والمتعة، كان التلفزيون السعودي مجرد إدارة حكومية، تحول معها بعض العاملين فيه إلى قدرات معطلة، لا يهمها سوى توقيع الحضور والانصراف، ولا يهمها الإبداع، ولا حتى استغلال الإمكانيات الكبيرة التي توفرت لهذا الجهاز الإعلامي المهم، لإخراج مادة يستطيع بها التلفزيون السعودي منافسة القنوات الأخرى التي استحوذت على المشاهد. بعد طول السبات، استيقظ التلفزيون السعودي ونفض عنه غبار الماضي، وما كان ذلك ليحدث لولا وجود وزير ينظر إلى التطوير كمسؤولية أساسية يحمل معها رؤية منفتحة على المستقبل، استقطب الوزير الكفاءات الوطنية القادرة على تحمل المسؤولية والتفكير بأسلوب مهني في تحويل القنوات السعودية إلى فضائيات تنافس بمادتها وإخراجها وإعدادها، وقدم لهم كل الدعم ليتفرغوا للإبداع الذي كان مطلبا مهما لهذا المرفق الإعلامي المهم، وهو ما أدركه الزميل داود الشريان الذي خلع عنه الروتين وعلق الغترة والعقال على علاقة مكتبه، وشمر عن ساعديه وأخذ في إيقاظ القدرات من حوله، وفتح المجال للشباب المبدع وعرف كيف يشحذ هممهم ويُخرج منهم ما كان المسؤولون السابقون غافلين عنه. اليوم التلفزيون السعودي بقنواته المتعددة أصبح منافسا قويا حتى لأكثر القنوات الفضائية مشاهدة في المملكة وفي الوطن العربي، وأتوقع مع مرور الوقت أن تكون المنافسة أقوى خصوصا بعد ارتباط المشاهد في المملكة بقنوات تقدم له مادة كان يبحث عنها في أماكن أخرى، كما أتوقع أن تحتل القنوات السعودية مراتب أولية في نسب المشاهدة التي تعتمد عليها شركات الإعلان الذي هرب من هنا رغم أن الجمهور المستهدف من أغلبية المعلنين هو المشاهد السعودي، ورغم أن جزءا كبيرا من المعلنين ينتمون إلى هذه البلاد التي أعطتهم من خيرها وزادت في ثرواتهم. لقد تغير فعلا وجه تلفزيوننا شكلا وموضوعا، ولمس المشاهد هذا التغير الكبير والذي أتمنى أن يستمر دعمه وتطويره، وتستمر معه أيضا عجلة التحديث والإبداع، واستقطاب القدرات الوطنية القادرة على العطاء وتشجيعها والأخذ بيدها لتحقيق الأفكار التي تحقق أعلى درجات الجودة في إنتاج أعمال تلفزيونية منافسة تحقق نسبة مشاهدة عالية تستحوذ على جزء معقول من كعكة الإعلان الذي سيحول التلفزيون السعودي إلى مركز ربحية ومجال استثمار اقتصادي وهو ما يتواكب مع رؤية المملكة 2030.