أتى رمضان مُقبلاً بصحبة البسمة والفرحة والبركة، تحفه أصوات المساجد والتسابيح والتهاليل تهبُ معها روائح البليلة والبطاطس المقلية والمنتو واليغمش وعصائر السوبيا، هنا في أزقة حي الصالحية بالمدينةالمنورة يتراكض الصبية بعد صلاة التراويح بوجوه ضاحكة وفرحة يبحثون عن الأنس والجمعة وممارسة هوياتهم، فيما يبحث بعض الشباب عن أرزاقهم، ساعين لبركة رمضان، عبر عربة البليلة والمأكولات الرمضانية التي تغيب طوال العام، وتطل مع رؤية الهلال. بهذه الكلمات، همهم العم مبارك، واصفا الرحيل من الحارات بجوار المسجد النبوي للأحياء الجديدة عقب إزالتها. ورغم تجاوز «عكاظ» العم مبارك، لتتجول في ليالي رمضان، راصدة فرحة الشباب، وكيف يقضون الشهر الكريم بعيدا عن الحارات، ذكر كل من فيصل الجابري، وعبدالله الحربي، ونبيل المحمدي قصة عشقهم مع لعبة الفرفيرة، هكذا عُرفت، وهي لعبة تقوم على فريقين كل منهما شخصان يتحلقان حول طاولة تشبه ملعب كرة القدم، يبددون من خلال رائحة أخشابها، ذلك الحزن الذي صاحبهم حين غادروا حاراتهم القديمة. الجابري صاحب المكان الذي يجتمع حوله لفيف من الأصدقاء، على وجوههم سعادة وارتياح، يقول: أكسب المال من لعبة الفرفيرة، وقد تأثرت من قلة الزبائن، بسبب انتقالنا من الأحياء المجاورة للحرم النبوي، ولكنني أعدت الزبائن عبر هذه البسطة الصغيرة تجاورها فرفيرة ذلك الزمن الجميل. أما عبدالله ونبيل فهم هواة للفرفيرة، ومنظمان لها، وهما بمثابة الحكم والخط الفاصل بين الفرق المتنافسة، فيقولون: أثر انتقالنا من الحارات على حضور المهرجانات الرمضانية، خصوصا أن البعض انتقل إلى مناطق بعيدة مثل حي الملك فهد وحي باقدو. ويعودان بالذاكرة حين كانا لا يجدان موطئ قدم حول الفرفيرة منذ إعلان دخول الشهر الكريم، ناهيك عن الحماس الذي كان يلف المكان، وقد بذلا الكثير من الجهد لجلب المتنافسين إلى مكانهم الجديد.