مثلما هو الحال أن يتجمع الصغار مع مغرب شمس كل يوم رمضان، حول طاولة الإفطار الصغيرة، يتجمعون أيضا بعد الإفطار حول طاولة «الفرفيرة» الصغيرة. ويلحظ العابر لأحياء مكةالمكرمة أن هذه اللعبة باتت تحاصر جنبات شوارع مكةالمكرمة، لتملأ الأحياء، وتعكس مظهرا رمضانيا لا يتكرر في الشوارع إلا مرة كل عام، لتحتل الصدارة في الألعاب الشعبية التي تتميز بجمهورها من الصغار وحتى الشباب. وعرف الشاب عامر الجابري لعبة الفرفيرة منذ سنوات طويلة، وعمره لم يتجاوز العشر سنوات، لكنه لا يعرف لها طعما ولا يفضل رؤيتها إلا في ليالي رمضان: «فهي في هذه الأيام لها نكهتها الخاصة، إذ نتجمع حول الطاولة، وسط هتافات الأصدقاء وقفشاتهم وضحكاتهم». وبين أنه يعمل على تأجير هذه اللعبة على شباب الحارة طيلة شهر رمضان، مقابل خمسة ريالات في المباراة الواحدة والتي تبلغ أهدافها عشرة أهداف، مبينا أن سر ارتباط هذه اللعبة بليالي رمضان قد يكون بسبب السهر الذي يستمتع به الشباب وخصوصا أن ليالي مكة ممتعة حقا والسهر فيها له نكهة خاصة، والذي يمتد لأكثر من خمس ساعات يومية، حيث تشمل الساعة الواحدة ما يزيد على أربع مباريات. ويوضح عبدالرحمن الثبيتي أن لعبة الفرفيرة تعتبر الهواية الأولى لهم في شهر الخير والبركات؛ حيث لا تجد شارعا أو ساحة أو ميدانا عاما تمر من حوله إلا وتلحظ الحشود من الشبان واقفين بجانب طاولة الفرفيرة، ويكاد يسدون الطريق على المارة من شدة تجمهرهم حولها وسط عبارات التحدي والتشجيع فيما بينهم، لافتا إلى أن هذه اللعبة تعوضهم عن الركض خلف المستديرة المجنونة «كرة القدم» في الشوارع فهم يمارسون هذه اللعبة بمهارة عالية دون أن يغادروا حارتهم أو يبتعدوا عن منازلهم، مبينا أنه في رمضان تظل طاولة الفرفيرة محجوزة لساعات طويلة تبدأ من بعد صلاة العشاء وتمتد حتى آخر الليل حين وقت السحور. ويوضح صاحب محل لبيع طاولات الفرفيرة صالح جيلاني أن دخول شهر رمضان المبارك أسهم في قيام عدد كبير من شباب العاصمة بشراء طاولات الفرفيرة، وذلك رغبة منهم في استغلال أوقات الفراغ التي تعقب صلاة التراويح وتمتد حتى وقت السحور، حيث يرى عدد كبير منهم أهمية هذه الطاولات للترويح عن أنفسهم من خلال جلبها للاستراحات ومن ثم إقامة المسابقات فيما بينهم، مشيرا إلى أن أسعار الفرفيرة تتراوح بين 500 و1000 ريال. وأشار إلى أنه في ظل زيادة الطلب على الفرفيرة، فإن المحل يعرض أنواعا عدة من الطاولات وبصناعات مختلفة، مبينا أن الطلب يقل تدريجيا على طاولات الفرفيرة مع مرور الأيام حتى ينتهي شهر رمضان نظير انشغال الشباب في التحضير لشراء مستلزمات عيد الفطر المبارك.