في العصر الذي نعيشه تعددت الشركات العملاقة التي تعمل ليل نهار، وتنتج سموماً كثيرة، ومخلفاتٍ كيماوية تلوث أجواء المدن بالعديد من السموم. لقد بات الهواء الذي نتنفسه، والغذاء الذي نأكله، والماء الذي نشربه، والفواكه والخضراوات التي نستهلكها، والتراب الذي نمشي عليه، قد بات كل ذلك ملوثاً بمخلفات المواد الكيميائية. فالتلوث الصناعي انتشر اليوم انتشار النار في الهشيم، حتى وصل هذا التلوث إلى كبد الدببة في قلب آلاسكا، كما تقول الدراسات. على سبيل المثال، تترسب شهرياً عوادم تقدر ب60 طناً من المحروقات الكيميائية على الميل المربع الواحد في مدينة نيويورك وحدها. ومن المعلوم أن تلقّي الجسم للمواد الكيميائية الدخيلة يؤدي إلى اختلال توازنه ويسبب العديد من الأمراض. ومن جانب آخر، يذكر الخبراء أن متوسط ما يدخل جسم الإنسان طيلة عمره من المواد المعدنية يبلغ 200 كيلوغرام، إضافة إلى المواد المعدنية هناك أكسيد الكربون والفسفور وعناصر كيميائية عديدة أخرى تدخل الجسم مع الهواء الذي يتنفسه الإنسان ما يتسبب في أمراض كثيرة حيث تظهر أعراضها في الدم والبول والجلد ومزاج الإنسان. والمؤسف حقاً أن الأدوية التي تُعطى للمصابين بالأمراض الناتجة عن هذه المُخلفات الصناعية هي أيضا مواد كيميائية يستهلكها المريض فيتشبّعُ دمه ولحمه وعظمه مرة أخرى بالسموم. يعتقد الكاتب الأمريكي «باول بريج» مؤلف كتاب «معجزة الصيام» أن الصوم هو السبيل الوحيد الذي بإمكانه أن يُساعدنا على تصفية أبداننا من هذه السموم التي تُنتجها معامل الأدوية ومصانع إنتاج الغذاء الكبرى والشركات الصناعية العالمية. هنالك طرق عدة لتنظيف المخلفات الكيماوية من الجسم وأفضلها على الإطلاق وأقربها إلى الطبيعة هو الصوم الذي يساعد الجسم على طرد السموم عبر القولون والكبد والرئة والدم والجهاز اللمفاوي والجلد. في ظل هيمنة الجشع الصناعي تأتي ثقافة الصيام لتحمي الإنسان بل وتشكل سداً يقف أمام طغيان الآلة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: صوموا تصحوا. * محاضر بجامعة (إس إم يو) بولاية تكساس الأمريكية سابقاً