لا شيء أبدا.. أبدا يسعد فتيان الروهينغا في مخيمات اللجوء على أطراف مخيماتهم في منطقة كوكس بازار الذي يبعد عن العاصمة البنجلاديشية نحو ساعة ونصف ساعة طيران. فالفتيان الذين كانوا يقضون أيام وليالي رمضان في قراهم الصغيرة تحت ظلال أشجار قراهم المخضرة أضحت أياديهم قبل قلوبهم تهفو للإعانات. يقول الفتى الروهينغي «هاشم» في تقرير لوكالة (أ. ف. ب) إن حياته الخضراء في قريته تحولت إلى ذكرى مريرة منذ خروجه من بورما في حملة الأحذية الثقيلة التي أبادت آلاف المسلمين في أكبرعملية تطهير.. كيف لهاشم وأقرانه الروهينغا الشباب العودة إلى قراهم هناك بعد أن جاءوا قسرا إلى كوكس بازار، يعيشون في أكواخ البامبو والبلاستيك والسفوح القذرة لن يقوى فتيان الروهينغا على محو الليالي المبهجة في بورما، ففارقتهم وجبات السمك الشهية، وهدايا العطور وما عادت عبوات المانحين تكفيه، ولا الأغطية تقيه، ولا المظلات تحميه لهب الشمس الحارقة، إن قذفتها الرياح غاصت قلوبهم في صدورهم في انتظار منحة بلاستيكية قد تنتزعها الرياح في أية لحظة. وداخل خيمة بلاستيكية في يوم قائظ يجلس هشام ليتحدث بحنين كبيرعن الأمور البسيطة المبهجة التي كانت تجعل من رمضان أكثر شهور السنة تميزا في قريته.. الأمر هنا في كوكس بازار أشبه بالسجن الكبير إذ تمنع السلطات الحكومية البنجلاديشية أيا من اللاجئين مغادرة معسكراتهم مهما كانت الظروف والأسباب، وعمدت السلطات إلى زرع عشرات من نقاط التفتيش على مخارج المخيمات.. فالعمل ممنوع.. الخروج محظور.. فمن أين يحصل هاشم ورفاقه على المال الذي يقيهم ذل السؤال والإعانة.. ليس أمامهم في الصيف القائظ غير الطين والتراب يلهون به طوال النهار.. وإن غابت الشمس عادوا إلى مخيماتهم المحتشدة بصنوف الشقاء جنبا إلى جنب العادات التي جلبوها معهم من بورما.. فالتقاليد عند الروهينغا الهاربين من صلف المعتدين هي التي تخفف عنهم - أحيانا - قسوة الأيام الصعبة والأسلاك الشائكة التي تمنعهم من نسمات قد تهب في كل مساء.. من دكا!