خرج ملتقى بيبان الذي نظمته الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، في بريدة على مدى ثلاثة أيام أخيرا، كتظاهرة وتجمع بشري مميزا لموضوع الاستثمار، لكن لم ترق مخرجاته وفوائده للمستوى المأمول، وتبقى فكرة الملتقى جميلة وهادفة، ربما شابها كثير من المثالية في الأفكار والتي داعبت خيالات الشباب من الجنسين، لدعم رواد الأعمال الناشئة، وصولا لتحقيق أهداف رؤية 2030 في رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة للناتج المحلي الإجمالي من 20% إلى 35%، رغم أن نسبة المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالمملكة تشكل 99% من منشآت القطاع الخاص حسب ما ذكره محافظ الهيئة السابق الدكتور غسان السليمان، مقارنة بأوروبا والتي تصل مشاركتها في الناتج المحلي إلى 77% وماليزيا 65% والإمارات 75%. وحسب تعريف الهيئة فإن المنشآت متناهية الصغر هي المنشآت التي يتراوح عدد موظفيها بدوام كامل بين 1 و5 موظفين، وإيراداتها بين صفر و3 ملايين ريال، والمنشآت الصغيرة هي التي يتراوح عدد موظفيها بين 9 و49 موظفا، وإيراداتها بين أكبر من 3 ملايين ريال وحتى 40 مليون ريال، فيما المنشآت المتوسطة هي التي يتراوح عدد موظفيها بين 50 و249 موظفا، وإيراداتها بين أكبر من 40 مليون ريال وحتى 200 مليون ريال. والملتقى اهتم كثيرا بتوعية الشباب للتوجه نحو سوق الأعمال، لمن لم يبدأ بعد وبنسبة تصل إلى 80%، رغم وجود برامج تخاطب رواد الأعمال الذين بدأوا أعمالهم التجارية، وهذا لمسته من سؤال وجهه بعض المدربين في بعض ورش العمل التي نفذت بعناوين «من الذي لديه مشروع، ومن الذي يفكر في إنشاء مشروع»، وهذا الدور يفترض أن يكون من خلال الجامعات والكليات بعمل شراكات معها لتدريب الطلاب وتهيئتهم لسوق العمل، كما هو موجود في أكثر دول العالم خصوصا المتقدمة كأمريكا وبريطانيا واليابان. وحراك الهيئة ومشاريعها الكثيرة في دعم رواد الأعمال تعتبر ظاهرة صحية، رغم أنه ينصب بشكل كبير في تحفيز رواد الأعمال لدخول السوق، دون أن يتوفر للهيئة دراسات عن المشاريع الصغيرة المتعثرة ولا عن معرفة أسباب فشلها، ومحاولة مساعدة المنشآت الجديدة في عدم التعرض لذات الفشل، والتي لخصها بعض رجال الأعمال في اللقاء المفتوح مع وزير التجارة، من أن الوزارة لا تحمي رجال الأعمال وأصحاب المنشآت الصغيرة من أنظمة الوزارات الأخرى لاسيما وزارة العمل، ناهيك عن البيروقراطية المميتة في كثير من أنظمة الجهات الحكومية الأخرى والتي تصل إلى حد التطفيش في كثير من المرات، وهو ما يجب على الهيئة أن تعمل عليه بإقامة ورش عمل ودورات تدريبية لمنسوبي الجهات الحكومية لمساعدة رواد الأعمال وتذليل الصعوبات التي تعترضهم. ولذا فإن إيجاد إدارة اتصال تعمل على حل المشكلات التي تؤثر على رواد الأعمال وقد تعجل بانسحابهم، يقوم عليها خبراء مختصون وممثلون للقطاعات الحكومية المختلفة التي تحتاجها تلك المنشآت، هو من أهم الأولويات التي يجب على الهيئة أن تهتم به، فليس المهم إقناع من هم خارج السوق بدخوله، بقدر المحافظة على عدم تسرب من هم داخله.