لم تكن الزيارة الخارجية الأولى لوزير الخارجية الأمريكي الجديد مايك بومبيو للسعودية بعد تعيينه في هذا المنصب الرفيع في إدارة الرئيس ترمب مجرد زيارة بروتوكولية أو تعارفية، أو محاولة لفهم السياسة السعودية الخارجية، على غرار زيارات وزراء خارجية الدول الأخرى الذين يتم تعيينهم، لأن نتائج زيارة الوزير بومبيو حققت أهدافا إستراتيجية متقدمة لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأسط، فضلا عن التماهي والتوافق الكامل حيال خطورة النظام الإيراني علة الأمنين الإقليمي والعالمي، باعتباره الراعي الأول للإرهاب في العالم، وفق ما ذكره بومبيو في مؤتمره الصحفي المشترك مع نظيره عادل الجبير أمس الأول (الأحد). زيارة بومبيو تمت وفق تخطيط مسبق مدروس يحمل دلالات يجب التوقف عندها، فالعلاقات بين البلدين تاريخية تشمل المجالات كافة دون استثناء، والمواقف متطابقة إلى حد كبير مما يجعل التفاهمات المشتركة أكثر دقة وعمقاً، وذات أبعاد إستراتيجية. لقد عكست النتائج الإيجابية للزيارة، خصوصا لقاء بومبيو مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، تطابق وجهات نظر البلدين حيال جميع القضايا ذات الاهتمام المشترك، خصوصا إزاء خطورة النظام الإيراني على أمن المنطقة، وكذلك البرنامج النووي الإيراني الذي يهدد استقرار وأمن المنطقة برمتها، الأمر الذي يتطلب إعادة صياغته وفق آليات تلزم النظام الإيراني الكف عن ممارساته وأهدافه التوسعية على حساب الأمن والاستقرار، أو تمزيقه بالكامل، فليس من المنطق أن يبقى العبث الإيراني في المنطقة دون أن يتم لجمه ووقفه عند حده، وبعقوبات نافذة تردعه عن ممارساته المؤدية إلى الإخلال بالأمن إقليميا ودوليا، وما المراجعة الأمريكية للاتفاق برمته إلا من أجل الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. وإذا قرأنا التصريحات المشتركة لوزيري خارجية البلدين سنعرف تماما أن هناك توافقا في الرؤى والمواقف حيال الملفات كافة، خصوصا الملف الإيراني، وقد وصل هذا التوافق إلى مرحلة متقدمة بعد زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى أمريكا قبل شهر التي وضعت خريطة إستراتيجية للعلاقات وأوصلتها إلى مرحلة متقدمة من التنسيق المشترك والمصالح المتبادلة على الأصعدة كافة، أمنيا وسياسيا واقتصاديا. وليس هناك شك أن السعودية باعتبارها قلب العالمين العربي والإسلامي، والقوة الاقتصادية والسياسية الأكبر في المنطقة، وأمريكا كونها الدولة العظمى، فإن هاتين القوتين حريصتان على تعزيز الأمن والسلام في المنطقة والعالم. ويعكس هذا التماهي أن السعودية أصبحت لاعبة رئيسية في صناعة القرار العالمي وليست فقط لاعبا محوريا في ما يخص المنطقة. لقد وضح ذلك جليا من خلال تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، عندما قال إن واشنطن لن تغض الطرف عن أنشطة إيران الإرهابية في المنطقة، وأن إيران تزعزع أمن المنطقة، وأن أمن السعودية أولوية للولايات المتحدة، وأن التفاهمات السياسية بين الرياضوواشنطن في أوجها. العلاقة السعودية - الأمريكية تزداد رسوخاً وتماسكاً، وأدركت واشنطن أهمية ومكانة الرياض في المنطقة وتأثيرها الكبير والمحوري في تحديد ملامح القرار العربي والإسلامي وتوجّهات المنطقة سياسياً واقتصادياً، فضلاً عن كونها تسعى لتعزيز مبدأ الوسطية، والاعتدال، إضافة إلى أنها دولة لها جهود واضحة ومخلصة في جمع كلمة المسلمين وحل خلافاتهم. لقد بدأ العد التنازلي لإنهاء النظام الإيراني.. توافق سعودي أمريكي.. إنها بداية النهاية لراعي الإرهاب العالمي.