لم يكن مستغربا أن تتجه بوصلة مهندس الدبلوماسية الخارجية الأمريكية الجديد مايك بومبيو إلى السعودية؛ مطلع الأسبوع القادم؛ وهي الزيارة الأولى له منذ حصوله على موافقة الكونغرس الأمريكي على تعيينه وزيرا للخارجية؛ خلفا لريك تيلرسون الذي أقاله الرئيس ترمب أخيرا؛ في خطوة اعتبرها المراقبون أنها تأتي لمتابعة ملف كوريا الشمالية ووضع نهاية للملف النووي الإيراني الذي يعتبر بومبيو من أكثر المعارضين له. وزير الخارجية الأمريكي الجديد الذي يزور المنطقة في إطار جولة شرق أوسطية هي الأولى؛ اتجه قبلها أمس (الجمعة) إلى بروكسل التي تعتبر محطته الأولى لحضور اجتماع لحلف شمال الأطلسي، ومنها يعتزم السفر إلى السعودية ثم الأردن فإسرائيل. وبحسب مصادر دبلوماسية أمريكية فإن بومبيو سيبحث مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، خلال زيارته للسعودية سبل تعزيز الشراكة بين البلدين وإعطاء دفعة للحوار الإستراتيجي، مشيرة إلى أن الملف النووي الإيراني والتصدي للسياسة العدوانية الإيرانية في المنطقة من المحاور الأساسية لهذه المحادثات مع اقتراب موعد اتخاذ القرار النهائي من قبل الإدارة الأمريكية حول هذا الملف في 11 مايو القادم. وأشارت المصادر الأمريكية إلى أن هناك توافقا سعوديا أمريكيا مشتركا بخطورة امتلاك إيران أسلحة نووية وتطويرها لقنبلة ذرية تهدد أمن المنطقة. من جانبها، ترى الرياض أنه لا سلام ولا استقرار ما دامت إيران تتدخل في شؤون الدول العربية ولن لا تقبل السعودية التدخلات الإيرانية خصوصا أن طهران والإرهاب حليفان بدعمها لميليشيات الحوثي وحزب الله ونظام الأسد. وأشارت المصادر إلى أن ملف إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية الصنع من قبل ميليشيات الحوثي ضد السعودية سيكون أيضا ضمن محاور اللقاء مع وزير الخارجية عادل الجبير. وبحسب مصادر أمريكية فإن بومبيو الذي يعرف بانضباطه العسكري منذ أن كان يدرس في أكاديمية «ويست بوينت» العسكرية الأمريكية المرموقة، وحنكته السياسية كعضو في مجلس النواب ولجنة الاستخبارات؛ يعكس تقلده منصب رئيس الدبلوماسية الأمريكية وهو القادم إليها من نافذة الاستخبارات الأمريكية حرص إدارة ترمب على التعامل بطريقة أكثر حدية وحزم مع النظام الإيراني، حيث يعتبر بومبيو من صقور الإدارة الأمريكية ولديه مواقف معارضة جدا للنظام الإيراني. وكمدير لوكالة الاستخبارات المركزية «السي اي ايه» سابقا يعرف بومبيو خطورة الملف النووي الإيراني على الأمن الإستراتيجي للمنطقة؛ فضلا عن درايته الكاملة بخطورة التوجه الإيراني الطائفي في المنطقة وضرورة التصدي للتمدد الإيراني، خصوصا أنه يعتبر من الحلقة المقربة من الرئيس ترمب، حيث نقل التقارير الاستخباراتية للمكتب البيضاوي حول نشاطات النظام الإيراني كما يشارك بومبيو الرئيس في موقفه المتشدد ضد إيران ولديه معرفة كاملة للملف النووي الكوري الشمالي ولديه اطلاع كامل على أدق أسرار الملفات الأمنية الأمريكية المصنفة، وكان يؤمن بأن «السي آي إيه» يجب أن تكون هجومية وقاسية وأن تعمل من دون رحمة وبلا هوادة ومواجهة المخاطر والتهديدات والتصدي لها قبل وقوعها. لقد حان كسر ظهر نظام الملالي، وعندما يزور بومبيو السعودية كأول محطة له فإن هذا يعني أن هندسة السياسة العالمية تنطلق من الرياض.