لم يكن لها ذنب ولا لمحكمة التنفيذ بمكة المكرمة حيلة، إذ لا بد أن تمضي الأم إلى قدرها وتقضي عقوبتها خلف أسوار السجن، الأمر الذي استدعى التعامل استثنائيا مع طفلتها الصغيرة ذات السنوات الثلاث، المتعلقة بوالدتها حتى في مكان لا يناسب سنها وطفولتها وتأمل في التنشئة على النحو الذي يرتجيه الأب الحنون الذي ظل يترقب صغيرته على الضفة الأخرى من أسوار السجن.. حرة طليقة. اقتنعت الجهات القضائية بحجج الأب ومبرراته وحكمت لصالحه بحضانة طفلته بسبب الظروف القاهرة لوالدتها، ومراعاة لمصلحة الطفلة الصغيرة. لكن القصة لم تبدأ بعد، فكيف يتم الفصل بين القلبين في غربة السجن؟ وبأي سحر يمكن إقناع الطفلة أن والدها الذي ينتظر لن يدخر شيئا في سبيل تعويضها حنان أمها ولن يحرمها من زيارتها؟ كل علامات الاستفهام يمكن حشدها لتصور الظرف الحرج لوالديها والقضاة والأخصائيين الاجتماعيين وحرس السجن.أمام هذا المشهد الإنساني الخاص، حاول قضاة محكمة التنفيذ تخفيف معاناة الطفلة بتطبيق المادة (76) من نظام التنفيذ التي تنص على التدرج في نقل المحضون إلى حاضنه الجديد، إذ رتّبت المحكمة زيارات بقسم «استلام وتسليم المحضون والزيارات القصيرة» والمنشأ حديثاً بالمحكمة وفق بيئة مكانية تناسب هذه الظروف وبعد تأقلم الطفلة وتهيئها للانتقال والعيش مع والدها سمح القاضي له باستلامها. ونصّت المادة (76) من نظام التنفيذ ولائحته التنفيذية في الفقرة (أ) منها على التدرّج في تنفيذ الحضانة ليتأقلم المحضون ويتهيأ نفسياً مع المكان الجديد مراعاةً لظروفه، وكذلك يمكن لقاضي التنفيذ وضع آلية تنفيذ الحكم الصادر بزيارة الصغيرة ما لم ينص الحكم عليها، بحيث يجري التنفيذ بتسليم الصغير في مكان مناسب.