هل أثبتت الأدلة الرقمية تفوقها في جريمة «تكفى يا سعد» على سيد الأدلة؟ في جريمة هزت أركان المملكة وكان ضحيتها رجل أمن. قتل الداعشي سعد ابن عمه مدوس العنزي غدراً يوم عيد الأضحى المبارك سنة 1436ه استجابة لطلب داعش. ووثق شقيق سعد الهالك عبدالعزيز جريمة قتل ابن عمه الشهيد مدوس العنزي بأمر من جماعة داعش الإرهابية. واستخدام الهاتف الجوال كأداة لتوثيق عملية الاغتيال، وبعد توثيقها قاما بنشرها على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل نشر فكر تنظيم داعش الإرهابي، هنا يكون الهاتف الجوال قد لعب دورين مختلفين في الجرائم المرتكبة ضد مدوس العنزي وهي كالآتي: 1- مصدر دليل في إثبات الحدود: حول الهالك عبدالعزيز الهاتف الجوال إلى المصدر الوحيد لاثبات جريمة قتل الغيلة بتوثيقه بالصوت والصورة قيام سعد بقتل ابن عمه الشهيد مدوس العنزي. واستخدام سلاح المجرم الناري بموجب نظام الأسلحة والذخائر الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/45 وتاريخ 25/7/1426ه. ووثق أيضاً سبب قتله بأنه بناء على طلب من أمير تنظيم داعش الإرهابي بقتل رجال الأمن (الكفار) كما ذكر. وهنا تحول الدليل الرقمي إلى دليل إثبات جريمة الحرابة كما ادعت النيابة العامة لتواجده في الهاتف الجوال وقدم دليل على أن القاتل سعد والمقتول ابن عمه مدوس متواجدان في مسرح الجريمة وقت وقوع الجريمة والأداة التي استخدمت لقتل مدوس وعدد الطلقات التي وجهت لمدوس. 2- مصدر دليل في إثبات جريمة التعزير: استخدام الهاتف الجوال كأداة لارتكاب جريمة إلكترونية عن طريق قيام الهالك عبدالعزيز بإنتاج فيديو لعملية قتل أخيه سعد لابن عمه، ثم استخدامه الهاتف الجوال أيضاً كأداة لنشر فيديو القتل الذي أنتجه عبر برامج التواصل الاجتماعي، هذه الأنشطة الإعداد والتخزين والإرسال ما من شأنه المساس بالنظام العام معاقب عليه بموجب نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/17 وتاريخ 8/3/1426ه، وقبل ذلك وثق في مقدمة الفيديو خلع سعد البيعة التي في عنقه لولي الأمر بمبايعته أمير تنظيم داعش الإرهابي المجرم والمعاقب عليه بموجب الأمر الملكي رقم أ/44 وتاريخ 1435ه. عند استخدام الهاتف الجوال في التوثيق يكون الجهاز (المضبوط) قد احتوى على معلومات رقمية مهمة للتأكد من صحة الإثبات وهي كالآتي: • تحديد موقع ارتكاب الجريمة بالإحداثيات (مسرح الجريمة). • معرفة وتطابق وقت ارتكاب الجريمة وهو ما يعرف Time stamp • معرفة شخصية القاتل وهو سعد. • معرفة كيفية ارتكاب جريمة القتل وهو تكبيل المغدور به وقتله بسلاح ناري وتجاهل توسل المغدور به. • معرفة السلاح الذي ارتكبت به الجريمة. • تطابق عدد الطلقات في التوثيق مع تقرير الطب الشرعي. • تطابق سلاح الجريمة مع تقرير الطب الشرعي. ويحتاج الدليل الرقمي إلى التأكد من سلامته عن طريق تحليل الفيديو لمعرفة ما هو الجهاز الذي تم توثيق الجريمة به؟ هل هو نفس جهاز الجوال؟ أم لا. إذا ثبت استخدام جهاز آخر لتوثيق لا بد من تحليل الجهاز الذي وثق الجريمة، والتأكد من أن الفيديو لم يتم عليه أي تعديل أو فبركة. وعند التأكد من سلامة الفيديو من العوارض أي موثوقية الأدلة الرقمية في جريمة «تكفى يا سعد» يعتبر دليلا يتوصل به إلى إثبات الإدانة (الحرابة). الاعتراف المكتوب الذي يثبت في محاضر التحقيق والموقعة من المجرم قد ينكرها المجرم عند القاضي والرجوع عن الإقرار، وقد يدعي المتهم أنه تم إرغامه على الاعتراف وإجباره على التوقيع في النيابة العامة، وقد يتم فقدان تفاصيل دقيقة مهمة في الجريمة ما قد تكون سببا في إطلاق سراح المجرم لعدم حجية الأدلة المقدمة. أما الأدلة الرقمية الموثقة بالصوت والصورة في جريمة «تكفى يا سعد» فلا يستطيع سعد إنكار قيامه بالقتل إذا سلمت من العوارض كما ذكرنا سابقاً، وتكون دليلا يتوصل به إلى إثبات إدانة الحرابة كما ادعت النيابة العامة ما يوصلها إلى درجة الموثوقية والطمأنينة لدى القضاة بارتكاب سعد هذه الجريمة، وأثبتت الأدلة الرقمية تفوقها على سيد الأدلة وهو الاعتراف، وألغت أهمية دور الشاهد حيث لم يكن هناك أي شاهد في هذه الجريمة. واستطاعت الأدلة الرقمية فرض نفسها في المحاكم السعودية كأهم وسيلة من وسائل الإثبات، الأجهزة الإلكترونية ستكون العدو اللدود للمجرمين والصديق الصدوق للأجهزة الأمنية والنيابة العامة والمحاكم، فهي ستلغي أهمية وسائل الإثبات سيد الأدلة والشهود، وسوف نقول وداعاً لهم بحضور سيد الأدلة الجديد وهي الأدلة الرقمية. تنظيم داعش الإرهابي استطاع الضحك على هؤلاء المجرمين بجعلهم أدوات لارتكاب جرائم كبرى في دولهم وتوثيق جرائمهم بأنفسهم حتى يصبحوا مطلوبين أمنيين للجهات الأمنية. ويتم تنفيذ حكم القصاص بهم بعد أن وثقوا جرائمهم بأنفسهم فخسروا دنياهم وآخرتهم. * عضو الأكاديمية الأمريكية للطب الشرعي - استشاري الأدلة الرقمية Dr_Almorjan@