رحل التشكيلي فهد الحجيلان، الذي طالما أكد أن الفنان بإنسانيته لا بجنسيته، فاحترف الفن وامتهنه، وأخلص له فتجاوزت أعماله حدود الزمان والمكان، تنقل بين السعودية ومصر ونثر ألوانه حباً وعطاءً بإحساس إنسان خلوق لا يختلف عليه من عرفه، فأسموه «عصفور البرد». عمل الحجيلان في الإعلام، وكان اللون همه والعنصر مفردته فصدح بأجمل الألوان عبقا تاريخيا وإرثا حضاريا، ليؤسس مدرسة فنية أثرت في كثير من الفنانين الشباب، إذ وجه العديد من الفنانين الذين يتغنون الآن بتاريخهم، فكان أستاذا بحق جمع بين اللغة البصرية والفكر الفني الذي لا يجيده كثيرون متواجدون على الساحة. لفظ الحجيلان أنفاسه الأخيرة، فجر أمس، قبل أن يحتفى به، حاملا معه جراحا أثرت في مسيرته الفنية، كان آخرها فقد أعمال مهمة له، بسبب تساهل الجهات الراعية في إحدى المشاركات الخارجية، وها هو اليوم يرحل ويترك كل الضوضاء خلفه، لعلها رسالة إلى المعنيين للاحتفاء برموز الفن التشكيلي وإعطائهم مكانتهم المرموقة في حياتهم قبل وفاتهم. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. ولم يخطر ببال جمهور الحجيلان أن كتاباته الأخيرة هي توديع للحياة، ونعي لنفسه، فقبل 10 أيام كتب على صفحته في الفيسبوك (وحتى اللون، بيتحايل على عمري، ويتراهن على سكوتي، ويخدعني، ويرسم في البياض موتي، وتصعد للسما روحي، بصمت، وينكتم صوتي، وأغيب، وأرحل، وأنا لوني، نصيري وعزوتي وقوتي). كما كتب قبل رحيله إثر أزمة قلبية دعاء طويلا يدل على معاناته من مظلومية، ختمه بقوله: «اللهم انصرني على من ظلمني، اللهم إنك لا ترضى الظلم لعبادك، اللهم إنك وعدتنا ألا ترد للمظلوم دعوة فأنت العدل، اللهم انصرني على من ظلمني، فإنك تراه ولا أراه، فوضت أمري لله». من جهته، يؤكد التشكيلي فيصل الخديدي أن الراحل تعرض لكثير من التهميش والأذى ما أشعره بالحزن والأسى وأدخله في معاناة كبيرة، ووصف عالمه الفني بالشفيف والغني بالتعبير عن الذات الإنسانية. يذكر أن الراحل أقام أكثر من معرض تحت عناوين لافتة منها بكاء الألوان، وسنوات الصفيح، وعصفور البرد، ونوستالجيا.