استطاعت النيابة العامة أن تثبت للعالم في أروقة المحاكم السعودية تورط اليوتيوب بشكل مباشر بنشر الإرهاب والتطرف بعد أن كانت تتنصل من مسؤولية ذلك. وعلاقة اليوتيوب مع الجماعات الإرهابية بدأت منذ عام 2006، وهي بداية استخدام الجماعات الإرهابية للجيل الثاني لتقنية واستخدام اللغة الإنجليزية. وجاء الدور المحوري للمملكة أن تضغط على الحكومة الأمريكية لتطبيق إستراتيجية الأممالمتحدة على شركات التواصل الاجتماعي واليوتيوب المتواجدة في أمريكا. السبب الرئيسي لانتشار المواد الإرهابية في الإنترنت: ساهم قانون آداب الاتصالات في أمريكا the 1996 Communications Decency Act بانتشار المواد الإرهابية، بسبب توفيره حصانة شاملة لشركة اليوتيوب وبرامج التواصل الاجتماعي من مسؤولية المحتوى المتواجدة في خوادم الشركات، هذا القانون الذي يعفي اليوتيوب وبرامج التواصل الاجتماعي من المسؤولية القانونية من المحتوى المتطرف والإرهابي المتواجد في خوادمهم أدى إلى نتائج وخيمة تعدت آثاره 11 سبتمبر، وسنستعرض بعض هذه الأحداث: تورط اليوتيوب في عمليات إرهابية في المملكة: في فبراير 2018، كشفت جلسة محاكمة مجموعة إرهابية من 10 متهمين مرتبطة بداعش، أن المتهم الأول نفذ عملية إرهابية لاستهداف دورية أمنية بقصد قتل رجال الأمن فيها أثناء قيامهم بواجبهم بحي ضاحية لبن بمدينة الرياض بإطلاق النار من سلاح رشاش عدة طلقات على رجلي أمن داخل الدورية باتجاه الرأس. وقام بتنفيذ هذه العملية بناء على اعترافاته استجابة وتنفيذاً للاستنفار الذي سمعه في كلمة تحريضية على اليوتيوب في الذب عن تنظيم داعش باستهداف جنود الحكومات للمنجنيق السوري والملقب بأبي محمد العدناني وهو أحد زعماء تنظيم داعش الإرهابي. وقد بينت اعترافات المتهم أن توافر المواد الإرهابية لمحاضرات أبي محمد العدناني في برنامج اليوتيوب ساهمت بشكل مباشر بتغير معتقداته عن طريق المتابعة المستمرة والتي ساهمت بتأثر فكرهم حيث أصبح متعاطفاً ومحباً لداعش ومتابعاً لكل جديد يصدر عن التنظيم. ونتيجة للمتابعة المستمرة للمواد الإرهابية المتواجدة في اليوتيوب استجاب المتهم الأول للاستنفار الوارد في محاضرة تحريضية عبر موقع اليوتيوب تحث على البذل لأجل تنظيم داعش الإرهابي وذلك بقتل أي أجنبي أو أحد رجال الأمن. وعليه قام بتنفيذ تعليمات المنجنيق السوري من خلال قيامه بإطلاق النار على رجال الأمن بقصد قتلهم. تورط اليوتيوب في عمليات إرهابية في أمريكا: ذكر مارك جينسبير في موقع Huff post أن في عام 2017، عثر FBI على أقراص صلبة تحتوي على خطب تحريضية للهالك أنور العولقي في آخر هجومين إرهابيين ناجحين في أمريكا كان مصدرها اليوتيوب. ففي حادثة دهس سائق شاحنة صغيرة حشداً من المارة في نيويورك عام 2017، وأدت إلى مقتل 8 أشخاص وإصابة أكثر من 10، تم العثور على 90 مقطع فيديو و3800 صورة للدعاية لداعش على أحد الهواتف الذكية اللذين تم العثور عليهما في الشاحنة. أما في الحادثة الثانية وهي محاولة تفجير المترو في نيويورك وأصيب بها 5 أشخاص تم اكتشاف مشاهدة الإرهابي لفيديو في اليوتيوب لكيفية بناء قنبلة. تورط اليوتيوب في عمليات إرهابية في بريطانيا: لعب عدم جدية اليوتيوب بحذف المواد الإرهابية من خوادمه دوراً محورياً في وقوع الحادثة الإرهابية في نهاية حفلة أريانا غراندي Ariana Grande concert في مانشيستر ببريطانيا وراح ضحيتها 22 شخصا، وقام الإرهابي بتعلم كيفية بناء العبوة الناسفة والتخطيط لها من مقطع في اليوتيوب. CEB منظمة غير ربحية تثبت تورط اليوتيوب في الإرهاب: تمكن باحثون يعملون في مشروع مكافحة التطرف وهي منظمة عالمية غير ربحية من إثبات أن 90 متطرفا في أمريكا وأوربا قاموا بعمليات إرهابية كعمر متين الذي قتل 49 أمريكيا في ملهى ليلي في أورلاندو عام 2016، مرتبطين بخطب العولقي التي تبث في اليوتيوب. منتدى الإنترنت العالمي لمكافحة الإرهاب: في منتصف عام 2017، أطلقت شركات فيسبوك وتويتر ويوتيوب ومايكرسوفت مبادرة باسم منتدى الإنترنت العالمي لمكافحة الإرهاب لمنع نشر دعاية الجماعات الإرهابية نتيجة لضغط الدول الغربية على هذه الشركات، وقد وصل عدد المواد المتواجدة في قواعد البيانات للمواد الإرهابية (hash) 40 ألف مادة ليتم تبادلها بين الشركات حتى يتم منع الإرهابيين من تخزين ونشر دعايتهم عبر برامج التواصل الاجتماعي. اليوتيوب تفاخر بحذف المواد الإرهابية القديمة: في نهاية 2017، تفاخرت اليوتيوب بإعلانها أنها حذفت خطب أنور العولقي المتطرفة من خوادمها. للمعلومية هذه المواد التي تم حذفها كانت قديمة وهذا يثبت أن اليوتيوب تساهم بنشر التطرف والإرهاب، حيث إن أنور العولقي هلك عام 2011، ومواده الإرهابية لم يتم حذفها إلا في نهاية 2017. ويعتبر العولقي من أوائل الإرهابيين الذي استخدام الجيل الثاني من التقنية «اليوتيوب» باللغة الإنجليزية لنشر الإرهاب والتطرف في عام 2006. كلمة البغدادي تكذب خوارزمية اليوتيوب: وللتأكد من جدية هذه الشركات كما ذكروا في المنتدى، فقد تم رصد تعامل يوتيوب مع كلمة أبي بكر البغدادي الأخيرة قبل شهرين. واتضح عدم مصداقية اليوتيوب بإنشاء قاعدة بيانات للمواد الإرهابية باستخدام Hash، وهي عبارة عن بصمة رقمية تعريفية للفيديو والصور لتساعدهم بالتعرف على هذه المواد وحذفها. واتضح عدم جديتها في حذف المواد الإرهابية للأسباب التالية: • فقد قام اليوتيوب بإغلاق الحسابات التي تبث الكلمة ولم تتجاوز عدد المشاهدات 500 مشاهدة في خلال 4 ساعات. • تجاهل اليوتيوب طلبات حذف الفيديو من خوادمه للحساب الرئيسي، وترك اليوتيوب الحساب الرئيسي يبث الكلمة لمدة 18 ساعة حتى وصول عدد المشاهدات إلى 42 ألفا. اليوتيوب عامل دافع للتطرف والإرهاب: الحقائق تثبت يوماً بعد يوم أن برنامج يوتيوب الأمريكي أصبح أحد العوامل الدافعة للتطرف بسماحه للجماعات الإرهابية باستخدام خوادمه لتخزين ونشر المواد الإرهابية للعالم، وساهم مساهمة مباشرة بتوفير هذه المواد الإرهابية كالتحريضية وشرح صناعة القنابل التي استخدمت في عدة تفجيرات لأكثر من 5 مليارات مستخدم للإنترنت حول العالم. الحقائق والبراهين تضع أمام الكونجرس الأمريكي مسؤولية جسيمة للعب دور محوري لحماية المدنيين وحماية الأمن والسلم الدوليين بتعديل قانون آداب الاتصالات لعام 1996، ليكون المحتوى المتواجد على خوادم هذه الشركات تحت مسؤوليتهم القانونية ما يضع هذه الشركات تحت ضغط لفحص المحتوى وحذف المحتوى المتطرف بشكل سريع، وسيسهم هذا التغير بحذف جميع المواد الإرهابية ليس فقط من اليوتيوب وبرامج التواصل الاجتماعي، بل من الشركات الأمريكية التي تستضيف المواقع الإرهابية، وعلى الحكومة الأمريكية الضغط على شركات وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب لتطبيق إستراتيجية الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب. جاء دور المملكة لتأخذ زمام المبادرة بالضغط على الجهات المعنية بأمريكا وشركة اليوتيوب وبرامج التواصل الاجتماعي فهي اللاعب الأهم عالمياً بحكم وجود الأدلة على تورط وسائل التواصل الاجتماعي بنشر الإرهاب والعنف، وكذلك كون المملكة من أكثر الدول المتضررة من الإرهاب ولقيادتها للتحالف العربي والإسلامي لمحاربة الإرهاب، ومن أهم أدوار هذا التحالف مواجهة الإرهاب إعلامياً وفكرياً، وكذلك كونها عضوا في التحالف الدولي ولديها الأدلة القاطعة على تورط الإرهابيين بتنفيذ عمليات متأثرين بشكل مباشر بما يعرض باليوتيوب. * عضو الأكاديمية الأمريكية للطب الشرعي- استشاري الأدلة الرقمية