جاءت حادثة احتلال السفارة الإيرانية في لندن، لتؤكد تمدد الاحتجاجات الشعبية العارمة في أرجاء إيران وخروجها عن سيطرة قبضة نظام الملالي لتنطلق إلى خارج حدود إيران الجغرافية، آخذة نطاقا أوسع في إبراز حجم الاحتجاجات على النظام القمعي في طهران، الذي تنامت المعارضة ضده لتأخذ مسارات جديدة ضد الأدلجة العقائدية من قبل ولاية الفقيه ومن داخل الحوزة الشيعية من خلال التيار الشيرازي الحركي، مما يعد ضربة قوية في خاصرة مبادئ الولاية والفكرة الأم التي نشأ على أساسها هذا النظام الثيوقراطي. ومواجهة السلطات الإيرانية للتيار الشيرازي ليست وليدة اللحظة وإن بدت شرارتها الأخيرة أنها جاءت على خلفية اعتقال رجل الدين الشيعي حسين الشيرازي ابن زعيم التيَّار الشيرازي آية الله صادق الشيرازي، مطلع فبراير الماضي، لوصفه خامنئي بالديكتاتور وفرعون العصر، ثم تبع ذلك اعتقال المرجع صادق الشيرازي وابنه حسين في قم، في 6 مارس الجاري، ولكن الخلاف «الشيرازي» قديم وله جذور، بدأ منذ فرض الإقامة الجبرية على مؤسس التيّار محمد مهدي الشيرازي، بسبب آرائه الفقهية المناوئة لولاية الفقيه وسياسة الخميني، ثم بعد ذلك استهدف النظام القائمين على هذا التيار وقضى على الكثير منهم داخل غياهب سجون النظام، ومن بينهم ابن المرجع الشيرازي الأكبر محمد رضا، الذي قتل في 2008 تحت وطأة التعذيب الذي ناله في السجون، ليؤكد على عمق الخلاف «الشيرازي - الخميني»، وان انفجار هذا الصراع مجددا بين التيارات الحركية الشيعية في إيران يعطي دلالات واضحة على تشظى «ولاية الفقيه» وانتهاء صلاحيتها على صعيدها الديني من ناحية، والقبول الشعبي في التوظيف العقائدي كنهج سياسي من ناحية أخرى.