أقل ما يمكن أن توصف به العلاقات بين السعودية ومصر بأنها علاقة أبدية كعلاقة القلب بالوريد، فلا غنى لمصر عن السعودية، ولا غنى للسعودية عن مصر، وليس أدل على ذلك من وصية الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود قبل نحو قرن من الزمان لأبنائه وأحفاده، حين قال: «تطلعوا إلى مصر فإذا استقامت أمورها صلحت أمور العرب، وإذا أصابها العوج ضلوا الطريق». ولا غرابة أن ينفذ الحفيد محمد بن سلمان وصية الجد عبدالعزيز، ليبدأ أولى زياراته كولي لعهد المملكة بمصر، وهو الحريص على توثيق العلاقات الإستراتيجية بمصر، وتحويلها من مرحلة الاتفاقات إلى التنفيذ على أرض الواقع، لما فيه خير أبناء الشعبين الشقيقين، في مرحلة تستوجب التكاتف وبناء التحالفات الإستراتيجية لمواجهة الأخطار التي تهدد أمن وسلامة البلدين والمنطقة ككل. وليس غريبا أيضا أن تحتفي مصر -قيادة وشعبا- بضيفها الكبير، فتكسر كل البروتوكولات الرسمية، لتصطحب المقاتلات المصرية طائرة ولي العهد السعودي، من لحظة دخولها إلى الأجواء المصرية إلى أن حطت بسلام على أرض مطار القاهرة، لتعيد إلى الأذهان احتفاء القاهرة التاريخي بالملك المؤسس في 7 يناير 1946، حين كسرت أيضا البروتوكولات الرسمية، وكرمت جميع الأمراء السعوديين المرافقين للملك عبدالعزيز صغيرا وكبيرا بالوشاح الأكبر في مصر آنذاك «نيشان النيل»، رغم أن قانون النياشين وقتها لم يكن يسمح بأن يمنح الوشاح لمن لم يبلغ عمره 21 عاما. والمار على مسيرة (حفيد المؤسس) ولي العهد محمد بن سلمان، يجد زخما من الإنجازات والجهود النوعية والمبادرات المميزة، ناهيك عن أنه مهندس الرؤية وبرنامج التحول الوطني ومؤسس التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، كما أنه سبب مباشر في نجاح قمم الرياض الثلاث التي شهدتها رياض العز أخيرا، وضمت أكثر من 50 دولة مؤثرة على مستوى العالم، فجهوده لا تخفى في ميادين التجديد والإصلاح وحوار الحضارات، وليس أدل على ذلك من حرصه على زيارة الأزهر الشريف ومقر الكاتدرائية المرقسية المصرية، في رسالة واضحة للعالم أجمع مفادها أن السعودية تنتهج نهجا جديدا يؤسس رؤية مختلفة للمستقبل عنوانها التسامح، وأساسها الحزم والعزم.