نمتلك كثيرا من المقومات لصناعة سينما سعودية متميزة تليق باسم المملكة ومكانتها، وهناك كفاءات وطنية من ممثلين وسيناريست ومصورين محترفين ومتخصصين بالإنتاج والإخراج السينمائي، والأهم هو الدعم الشامل والتشجيع الكبير من القيادة الرشيدة التي كان لها المبادرة بإنشاء جمعيات وهيئات ومراكز حكومية وأهلية تدعم الإبداع والتميز. يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار ألا تكون البداية في صناعة السينما السعودية بداية خجولة ومتواضعة، بل لابد أن تكون بداية قوية تعكس احترافية عالية، وأن تبدأ السينما السعودية من حيث انتهى الآخرون لا من حيث ابتدأوا، وعلى صناع السينما بالسعودية التخطيط والتفكير لهدف التفوق والتميز للمنافسة في شتى المهرجانات والجوائز السينمائية العالمية وليس للتواجد فقط! لأن المجتمع السعودي يزخر بكم درامي كبير جداً من الكوميديا والتراجيديا، تفتح شهية أي كاتب للنقد ومعالجة قضايا محددة المعالم مضمونة الحاضر الزاهر الذي نعيشه والمستقبل الواعد الذي ننتظره، فالمهرجان يسعى إلى ترسيخ، لصناعة أفلام تعكس تطور وحضارة المملكة وشعبها الذي لم يتم بالسابق مخاطبته عن طريق الشاشة الفضية، لذلك لن تجد مثيلا لثقافة المجتمع السعودي حتى في ثقافات شعوب المنطقة والدول المجاورة، هذا بما تتمتع به المملكة من خليط اجتماعي وتنوع ثقافي وما يتميز به الشعب السعودي من حيوية الشباب والحس العالي للفكاهة. السينما هي أجمل صورة يتم فيها النقد والتوجيه والتسلية، وهي كما أرى أفضل من كتاب أو مقال أو عمل تلفزيوني متواضع وأفضل حتى من الأعمال المسرحية، ذلك لأن الجمهور السعودي حالياً ليس جمهور مسرح! بسبب أنهم يملكون حسا فكاهيا عاليا لا يحتمل كرسي المسرح، وبتواضع الحركة المسرحية بالمملكة فإن الفن السابع هو الحل والبوابة للإبداع الفني، إلى أن يؤسس معهد عالٍ للفنون المسرحية ينتج كوادر أكاديمية تؤسس فرقا مسرحية متمرسة ومتمكنة بالتمثيل والديكور والإخراج والموسيقى وغيرها من الفنون المسرحية لتقديم مسرح سعودي متكامل وليس بدائي كما هو الحال عليه الآن. وعلى النقيض تماماً فإننا نجد عند الشباب السعودي تعطشا كبيرا للسينما، وفي هذه الفرصة التي سمحت بإصدار تراخيص لدور السينما بالمملكة وصناعة سينما سعودية متميزة، سينتج من ذلك جمهور مثقف ولديه حس عالٍ للنقد الفني. أتمنى ألا يكون شكل السينما السعودية مثل شكل وتواضع الدراما السعودية بالتلفزيون والتي تكللت بأخطاء فادحة في البداية وتفاقمت مع الفضائيات والتخصيص وشركات الإنتاج المحلية، وقد سببت هذه الأخطاء فشلاً ذريعاً بسبب عدم إصلاح أخطاء الماضي وعدم أخذ الدروس والعبرة منها، مما زاد من الفشل بكثرة المحسوبيات والواسطات وإغفال الموهوبين وقلة الإبداع، وهذا ما جعلها بلا مضمون وبلا هدف تعكس ما تمر به من فشل، وللأسف أنها تحمل اسم «دراما سعودية» وأستثني بضع الحلقات والأعمال حتى لا نعمم الفشل.