هناك أمور قد يستوعبها العقل وأخرى لا يستطيع مهما حاولت، فبرغم أننا نعيش في زمن الإنجازات العلمية المذهلة والتطورات والتكنولوجيا التي اخترقتنا للعظم، ما زال يعيش بيننا بشر يؤمنون بعالم الدجل والشعوذة ويصدقون به ! أزعم أني ألعب (بالبيضة والحجر) في بعض الأحيان، وأكذب على نفسي بملء إرادتي وقواي العقلية عندما أقرأ (خُرافات) الأبراج مثلاً، فإن كانت تحمل لي أخباراً تبشر بالخير أصدقها، وما عدا ذلك إن قرأت حظي لليوم ووجدته (منيل بستين نيله) كالعادة، ففوراً أغلق الصفحة وأقول كذب المنجمون ولو صدقوا يا بنتي، المهم في الأمر أني ما زلت أستخدم عقلي، أو ما تبقى منه للأمانة ! قد صادفت اليوم، خلال جولتي الصباحية على المواقع لتصفح عدد لا بأس منه من الأخبار التي تجيب (الهم والغم)، خبراً أدهشني، وكاد يودي بالبرج المتبقي في (نافوخي)، وكان المقطع لشيخ جليل يمارس الرقية الشرعية على قطة ! نعم قطة، وبلهجتنا العامية (بِسّه)، وبالإفرنجية (كات)، وكان مرفقاً مع الخبر مقطع فيديو مسجلا لفضيلة الشيخ حرصاً منه للتوثيق وزيادة في المصداقية بارك الله فيه ! وجاء في الخبر الذي تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي قراءة الرقية الشرعية على إحدى القطط، وذلك بحجة تناوله سحراً كان (مدسوسا) له في الطعام، وقد تم إخراجه ببركات الراقي الفذّ وخرج (الحيوان) - أي الجنّي - من هذا القط الغلبان ! لم أفهم الأمر أو أجد له مبررا ! فحتى القط ليس جميلاً ليُحسد صاحبه، فشكله هزيل و(تعيس) ويسد النفس، ولم أجد فيه ما يستدعي لسحره عل وعسى أستوعب ما يجري ! ما يدهش حقاً، تصديق بعض الناس لمثل تلك الخزعبلات وتسليم عقولهم لخرافات الدجالين والنصابين بغية الرقية الشرعية وممارسة هذه الأفعال تحت ستار الدين، وهذا أمر قد انتشر مؤخراً بشكلٍ لافت ومخيف، حتى على القنوات التلفزيونية، أصبحت هناك برامج متخصصة للرقية عن بعد، وكل ما عليك فعله إن كنت تعتقد أنك (مهبول) أو مجنون أو مسحور ومتلبسك جنّي أو (جنية)، أن تتصل بالشيخ المزعوم وتحكي له حكايتك، فيبدأ بالقراءة عليك ورقيتك عبر (الستالايت)، وربما أن التقنية والتطورات قد وصلت إلى العالم الآخر ونحن لا نعلم وأصبحت لم تقتصر علينا فحسب ! من بعد تعدد الأوجه بين الرقاة وأشباههم، لم يعد المرء يفرق بين الشيخ الحقيقي الذي يعالج بحسب ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومن يتاجر بهما ليحقق لنفسه مآرب أخرى بالضحك على الناس باسم الدين. يبدو أن حظي اليوم عاثر، ومليء بالجِن والعفاريت، وربما أنا في حاجة لمن (يرقيني) ويقرأ عليّ ما تيسر، لا تهتموا لذلك أنصحكم بالتحصين وقراءة المعوذات على أنفسكم 3 مرات بعد انتهائكم من قراءة هذه الأسطر. أعانكم الله عليّ، وأعانني على رضاكم الذي لا يدرك، فالقلم مرفوع عن 3.. أنا الثلاثة ! Twitter: @rzamka [email protected]