أمس الأول كتبت عن الصحافة المحلية وما تعانيه من خلخلة اقتصادية كادت تودي بانهيارات صحف ذات ثقل مؤثر في جميع شؤون الوطن؛ إذ تعتبر القوة الإعلامية للبلاد وتقوم بمهمات أساسية في بنية المجتمع سواء أكان هذا في الجوانب السياسية أو الثقافية، وينهض دورها التثقيفي بمداه الواسع وصول رسالتها في أي موقع (في الداخل أو الخارج)، ولذلك تعتبر الصحف من القوى الناعمة للبلد المتواجدة فيه؛ إذ إنها تمثل العمق الثقافي للمجتمع والذود عن كل ما يتصل بثقافة وعادات وسلوكيات ذاك المجتمع، وترسيخها وتبادلها مع بقية المجتمعات كأسس أو مقوم لهذا الوطن أو ذاك، مع العمل على اندماج مجتمعها مع العالم. وهي بهذا الدور قوة متقدمة وفاعلة للدولة وللمجتمع في آن. ويبدو أن تشابك الدكتور سعود كاتب معي حول مفهوم القوة الناعمة ما زال قائما، إذ علق على المقال في تويتر قائلا: من أهم صفات القوة الناعمة قدرتها على التأثير في الشعوب الخارجية، وصحافتنا الورقية لا تملك ذلك التأثير أو بعضا منه، وبالتالي لا يمكن وصفها بأنها قوة ناعمة. انتهى تعليق الدكتور سعود، ويبدو أنه ملتزم بالتعريف الذي سكه جوزيف ناي في 1990، وهو مصطلح قابل للتطور والتبدل وإدخال تعريفات جديدة سقطت من تعريفات صاحب المصطلح؛ لأن أي مقولة إنسانية هي بالضرورة عاجزة عن استيعاب كل المفردات التي تضفيها الحياة من خلال الممارسات الإنسانية المتداخلة في الحياة وفي فهم معطياتها أو إضافة معطى حديث. وكيف عنّ للدكتور سعود نفي تأثير صحافتنا خارجيا؟ هذا القول بحاجة إلى دراسات وإحصائيات واستبانة ومقياس تأكيد من قبل الخارجية والإعلام ومن الكتاب والصحفيين. لقد أتيت أمرا مستغربا يا دكتور سعود؛ إذ أسقطت عقودا من التواجد الصحفي والثقافي خارجيا. وإذا كان قولك إن صحافتنا الورقية لا تملك القدرة على التأثير في الشعوب الخارجية، فمن قاد البلاد في أزماتها الخارجية ومن نافح ومن أظهر ومن صحح ومن استقطب ومن أوضح. كل هذا كان تأثيرا خارجيا ولأنك لم تحدد الخارج هذا فأقول لك إن صحافتنا كانت لها التواجد والتأثير في المحيط الإقليمي، وسوف أترك رأيك لمن أفنى حياته في الصحافة ليحدثك عن تأثير صحافتنا في الخارج، أما أنا فما زلت مصرا على أن القوة الناعمة تتعدى مفهومك للمصطلح أو وقوفك عند مقولة قيلت عام 1990.