أنهت الحكومة عام 2017 بشكل مثالي إلى درجة أنني تخيلت أنه أعظم الأعوام في تاريخ السعوديين، فقد سحقت تنظيم داعش بصورة تستحق الإعجاب وانتصرت قوات الأمن على الجماعات الإرهابية الموالية لإيران في المنطقة الشرقية وفرضت هيبتها في جزء عزيز من وطننا، وتخلصت البلاد من تراث الصحوة الرهيب، وعادت الحياة الطبيعية -التي كانت شبه منسية - إلى كل الشوارع والبيوت، وتنفس الناس أوكسجين الحرية الاجتماعية لأول مرة منذ عدة عقود، وحصلت المرأة السعودية على جزء مهم من حقوقها الغائبة وفي مقدمتها حق قيادة السيارة، وأعلنت حرب مثيرة على الفساد طالت علية القوم أو كما نقول بالعامية: (أكبرها وأسمنها)، وأطلق سمو ولي العهد مشروع مدينة نيوم الذي يجسد الحلم السعودي الكبير باتجاه المستقبل، وفي دنيا الرياضة تأهل المنتخب السعودي لكأس العالم بعد غياب مؤسف في النسختين الماضيتين من المونديال، أما على الصعيد الخارجي فقد استعادت السعودية تحالفها التاريخي الوثيق مع الولاياتالمتحدة بعد أن شهد هذا التحالف محطات صعبة أيام أوباما، كما حسمت المملكة العلاقة الخليجية المرتبكة مع قطر ونجحت بالتعاون مع الإمارات والبحرين ومصر في عزل الدوحة ووضع تحركاتها المؤذية تحت مجهر الرقابة الدولية، أما إيران التي كانت تتباهى بسيطرتها على أربع عواصم عربية فإنها اليوم مشغولة بمحاولات ضبط الأمن في عاصمتها طهران !. كل هذه الإنجازات الهائلة يصعب أن تصنعها أي حكومة في عام واحد، لو ذهبت إلى أي شخص عام 2016 وقلت له: هذا ما سيحدث في السعودية بعد عدة أشهر لنصحك بمراجعة طبيب للأمراض العقلية.. ولكن كل هذه الأمور حدثت بالفعل وبأداء حكومي ملفت للنظر.. وهذا الذي يجعلني اليوم أشعر بوجود شخص ما (نضل) حكومتنا الرشيدة وأصابها بعين الحسد!، حيث إنه بمجرد نهاية هذا العام المبهر حكوميا ومع أول إطلالة لعام 2018 بدأ العمل بتطبيق ضريبة القيمة المضافة بالتزامن مع رفع أسعار البنزين مع بداية خجولة لبرنامج حساب المواطن الذي يستهدف تخفيف آثار هذه الزيادات على المستوى المعيشي للأسرة السعودية.. صحيح أن كل هذه الخطوات سبق وأن أعلن عنها في إطار خطة الإصلاح الاقتصادي ولكنها طرحت دون تدرج منطقي بصورة بعثرت أوراق كل المدافعين عن خطة الإصلاح الاقتصادي الطموحة، وتناثرت أسئلة المواطنين الكثيرة في كل الطرقات، فظهر أصحاب المعالي على شاشات الفضائيات ليجيبوا عن هذه الأسئلة ولكنهم (بسبب عين الحسود) كانوا حائرين جدا: يفكرون ويعترفون بضرورة مراجعة بعض الجوانب عن أي فهم خاطئ. على أية حال نتمنى مراجعة شاملة لبرنامج حساب المواطن وإعفاء قطاعات التعليم والصحة وكذلك الأنشطة الثقافية والخيرية والتطوعية من أي ضريبة أو إيجاد أنظمة لإعادة قيمتها لهذه الجهات، والتركيز على إبعاد شرائح محدودي الدخل عن الآثار المؤلمة لهذه الزيادات، والعمل بأقصى سرعة لإنجاز مشاريع النقل الشامل داخل وخارج المدن من خطوط مترو وقطارات وحافلات وإيجاد حل جذري لمشكلة الإسكان خصوصا وأن الإيجارات تستهلك جزءا لا يستهان به من دخل العديد من الأسر السعودية، فكل ذلك سوف يساهم بقوة في سرعة اندماج المواطنين مع الخطط الاقتصادية المعلنة. [email protected]