لم يفاجئني إطلاقا رفض المملكة العربية السعودية دخول أعضاء فريق الشطرنج الإسرائيلي الأراضي السعودية، رغم كل الضخ الإعلامي المعادي للسعودية، والذي أكد مرارا أن الفريق الإسرائيلي للشطرنج حصل على التأشيرات السعودية، فمثل هذه الشائعات التي أصبحت تطلق ضد السعودية بشكل شبه يومي ليس ثمة من رد عليها أفضل من قول الشاعر الشعبي القدير خلف بن هذال العتيبي: (نسمع بنبح الكلاب ولا تجننا.. الكلب له حربة بكرة نسننها).. فقد اعتادت المملكة على الاتهامات الباطلة بالتعامل الخفي السري مع إسرائيل من قبل الدول المطبعة جهارا نهارا مع إسرائيل، مثلما اعتادت على مطالبتها بمواجهة الولاياتالمتحدة بشراسة من قبل الدول التي يعتمد الناس فيها على الحماية العسكرية المباشرة التي توفرها لهم القواعد الأمريكية !. وللعقلاء المنصفين فقط نقول إن موقف السعودية من القضية الفلسطينية هو الأوضح رغم كل محاولات التضليل المتتابعة، فحين قررت الدول العربية محاربة إسرائيل أرسلت السعودية خيرة أبنائها لساحات القتال رغم ظروفها الصعبة عام 1948، وحين لاحظت القيادة السعودية أن الانحياز الأمريكي والأوروبي لصالح إسرائيل يؤثر على موازين الحرب قطعت النفط في موقف تاريخي أسطوري واجهت فيه يومها العالم أجمع، أما حين قرر الفلسطينيون الدخول في عملية السلام تكفلت السعودية بأغلب الأعباء المالية للسلطة الفلسطينية الوليدة، ومنها رواتب الشرطة الفلسطينية والدبلوماسيين وغيرهم، وحين لاحظت المملكة التهافت العربي (من خارج دول المواجهة) على إقامة علاقات مع إسرائيل بصورة قد تؤثر على القضية الفلسطينية تقدمت إلى الجامعة العربية بمشروع المبادرة العربية للسلام، والتي أصبحت اليوم الورقة الوحيدة التي يملكها العرب في حواراتهم الدولية.. حتى في مجلس التعاون الخليجي رفضت المملكة إقامة علاقات ثنائية مع إسرائيل خارج الإطار العربي الشامل وتسجل صفحات التاريخ للملك عبدالله بن عبدالعزيز (حين كان وليا للعهد) أنه ضغط على قطر كي تغلق المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة قبل القمة الإسلامية التاسعة، وهو ما حدث فعلا، وقد قال حمد بن جاسم يومها في مؤتمر سبق قمة الدوحة الإسلامية ما نصه: (المكتب أقفل ولكنني لا أنكر وجود موظفين فيه !) وذلك ردا على تقرير وكالة الأنباء الفرنسية، الذي أكد أن الموظفين الإسرائيليين ما زالوا في المكتب رغم الإعلان عن إغلاقه!.. كما استخدم حمد بن جاسم مصطلحا مهما في ذلك المؤتمر الصحفي، إذ قال إن علاقة إسرائيل بقطر أصبحت (مجمدة) ولم يقل (مقطوعة) !. على أية حال نحن نعرف بلادنا جيدا ونعرف أنها إذا ما قررت أن تتخذ خطوة سياسية معينة فإنها سوف تتخذها تحت ضوء الشمس، وهي بالتأكيد لن تدخل في أي عملية تطبيع مع إسرائيل أو أي حوار على أي مستوى إلا في حال توفر الضمانات الحقيقية للحفاظ على الحقوق الفلسطينية انطلاقا من المبادرة العربية للسلام وقرارات مجلس الأمن، أما شائعات التطبيع المضحكة فعلاجها نظرية خلف بن هذال، الذي قال أيضا في القصيدة ذاتها: (من دون صهيون بذتنا صهاينا) ! [email protected]