كنت من الذين يعتقدون بأن تحديد الفعاليات، ذات الطابع الدولي أو الإقليمي، على تنوعها والتي تقام في المملكة، أمر سهل وبيد الجهات المنظمة لتلك المناسبات، غير أني وجدت نفسي جاهلا في أمور تنظيم المناسبات الدولية، كالمعارض والمؤتمرات المستمرة والمتواصلة في مقر واحد، أو المتنقلة على مدار لعام في دول ومدن متعددة، ومن تلك الفعاليات معرض جدة الدولي للكتاب، الذي ستختتم يوم غد الأحد نسخته الثالثة، بعد نجاح كبير تمثل في الأعداد المتزايدة من زواره، التي أتوقع أن تزيد في مجملها مع اختتام المعرض إلى أكثر من نصف مليون زائر، تنوعت أجناسهم وأعمارهم، وأعطوا انطباعا لا يقبل الجدل عن أن الكتاب له حضوره القوي الذي لم تستطع الوسائل الرقمية تحجيمه أو تقليص الاعتماد عليه كمصدر ثقافي ومرجعي وعلمي وترفيهي. سألت لماذا لا يقام المعرض في العطلات الرسمية، وخصوصا التعليمية، حيث يمكن لعدد الرواد أن يزيد عن الخمسمائة ألف، فجاءتني الإجابة بأن توقيت المعرض إذا أردنا له أن يكون دوليا تشارك فيه دور النشر العالمية بما فيها العربية والإقليمية، فإنه لابد أن يندرج ضمن جدول زمني ينظم إقامة معارض الكتب الدولية على مدار العام في كل مدن العالم التي تستضيف هذا المعرض بشرط أن يكون هناك فاصل زمني بين المعرض والآخر، يسمح بانتقال دور النشر والناشرين من مدينة إلى أخرى، ويستغرق اعتماد استضافة أي مدينة للمعرض، وقتا للدراسة من قبل اتحادات الناشرين لاعتماد توقيت معين يتناسب مع توقيتات المعارض الأخرى، وقد جاء وقت معرض جدة للكتاب ضمن منظومة المعارض الدولية في الفترة من 14-24 ديسمبر، وهو موعد سيتكرر سنويا ومثله بقية المعارض الدولية، ومنها ثمانية في دول الخليج العربية منها مدينتان في المملكة وهما جدة والرياض، وعشر مدن عربية، وتسع دولية وهي لندن وبكين وفرانكفورت وباريس وسيئول وجنيف ووارسو وموسكو وإندونيسيا، وهناك مدن أخرى تنتظر مواعيد لإقامتها حيث لم تحدد بعد. وتنطلق أهمية الالتزام بتوقيت دوري محدد من مشاركة الناشرين من كل دول العالم، وبدون هذا التحديد لا يمكن أن نطلق على المعرض صفة «دولي». وحقيقة فإن معرض جدة الدولي للكتاب بنجاحه الكبير، وضع المملكة في إطارها المعرفي ضمن العالمية وعكس صورة الحراك الثقافي في بلادنا، ويؤكد ذلك زيادة أعداد أجنحة الناشرين الخمسمائة الذين امتلأت بهم قرابة 30 ألف متر مربع، وأيضا زيادة عدد الرواد وحركة الشراء، فشكرا لمن عمل على أن تكون جدة عالمية بمعرضها للكتاب، ولمن وقف خلف هذا الإنجاز والدقة والشمول في التنظيم والمتابعة. شكرا لمحافظ جدة مشعل بن ماجد الجندي الخفي الذي يقف بصمت خلف هذه التظاهرة الثقافية العالمية التي تشهدها جدة في كل عام والتي اجتذبت أصدقاء الكتاب من كل مدن المملكة ومن عدد من الدول المجاورة.