من المواقف السلبية التي تستوقفني، تصيد الأخطاء، لأنها تروي واقعا نعيشه مع أصحاب النفوس المريضة، التي تستمتع بالبحث عن المشاكل وإثارتها والتربص بالآخرين وقتل الإبداع في مهده، وهي صفة ذميمة من صفات أهل النفاق، كأنها الحرب وما عليك إلا أن تكون بكامل الجهوزية والاستعداد لها، وتصيد الأخطاء يظهر بجلاء في العمل، ففيه تحاك المؤامرات وتصبح العلاقات متوترة، ويزيد فيه هاجس الشك والخوف، فكيف ستحقق المنظمة أهدافها بشكل صحيح وناجح إذا كان هناك صراع بين العاملين؟ إنه أشبه بمعركة تتسم بالكر والفر جولة لي وأخرى لك. الأخطاء تقع، ونحن لسنا ملائكة أو مثاليين، ويجب علينا تقبل وقوع الأخطاء، الناس الواثقون من الداخل هم الأكثر تقبلا للتسامح والترفع عن تصيد أخطاء الآخرين لأنهم متصالحون مع أنفسهم، تملأ حياتهم الإيجابية، ويعلمون أنه أسلوب سلبي يؤثر عليهم وعلى محيطهم، يجب أن تعلم أن النجاح لن تحققه بمفردك، أنت كائن اجتماعي تعيش وسط مجتمع وتتعامل معه وتتفاعل مع بيئتك، وتعمل من أجله وأجل أسرتك، ولا يمكن أن تعيش بعزلة عمن حولك، وهذا المجتمع هو الذي يمنحك النجاح. فلمَ لا نحول هذه العادات السيئة إلى حسنة ونحمي أنفسنا ومجتمعنا من أمراض يبغضها الله، فالعادات السيئة مثل حب تصيد الأخطاء والحقد والحسد لها آثار سلبية على النفس البشرية، والعادات الحسنة مثل حب التغافل والتسامح والتركيز على الإيجابيات تساعدنا لنرتقي بديننا ووطنا، وتدفعنا إلى التقدم والرقي. كل شيء منذ خلق الله الكون إلى يوم القيامة مكتوب، ومنها الرزق والعمل، فلن يأخذ أحد شيئا لم يكتب له ولن يقاسمك في رزقك أحد، يجب على الفرد أن يتغافل عن أخطاء البشر، فبدلا من تصيدها عليه أن يعالجها ويجد الحلول لكل تقصير، فلا نضيع الوقت في أمور لا تثمر غير البغض والكراهية، ولنعمل سوية نحو التقدم والتطوير والإنجاز، فلن نصل إلى الرقي وقلوبنا تحمل الكره يجب تطهيرها بالحب والتعاون والتغافل والعمل بروح الفريق. يقول الإمام أحمد رحمه الله عندما قيل له إن التغافل تسعة أعشار العقل، قال: «بل هو العقل كله».. التغافل فن من فنون الحياة فهو أدب وخلق جميل فيجب على الإنسان أن يتغافل بعض الأحيان عن أصدقائه، وعلى المديرين أن يتجاوزوا عن موظفيهم إذا هم قصروا بشيء فلا يبرزوا تقصيرهم ولا يبحثوا عن زلاتهم، بل على المدير أن يكون ناصحا لهم، ويذكرهم بما عليهم من حقوق وواجبات بالأسلوب الحسن ويجب أن يكون الجزاء على قدر المخالفة، حتى لا يكون لها آثار عكسية، وتفقد المنظمة ولاء الموظف وتأثر العقوبة على قدراته ونفسيته.