لم يدر في خلد سائقي حافلات النقل المعروفة ب«خط البلدة» أن الشوارع لم تعد تتسع لحافلاتهم؛ إذ أضحت تلاحقها الفرق الميدانية في شوارع الرياضوجدة؛ لأنها باتت خطراً على الشوارع. وعجزت «خط البلدة»، التي تشتهر في السعودية، عن الصمود والسير في طرقات المدن الكبيرة رغم الإقبال الهائل عليها من العمالة، بسبب تدني أجرتها التي تصل إلى بضعة ريالات. تجول حافلات «خط البلدة» التي يقودها سعوديون في طرقات الرياضوجدة، إلا أنها تجوب الشوارع الجديدة في العاصمة وتزاحم المركبات الفارهة، وتتنقل بين الطرقات بركابها المنتمين لجنسيات عدة أغلبها من شرق آسيا؛ إذ يفضلونها على غيرها من مركبات الأجرة. وظهرت حافلات «خط البلدة» في السعودية قبل أكثر من 30 عاماً، حتى وصل عدد المسجل منها في وزارة النقل نحو 600 حافلة، وواجهت تغيرات حضارية وعمرانية وتقنية، إلا أنها ظلت صامدة رغم صدور تنظيمات عدة خلال أعوام مضت لتطوير عملها، ومنها ما صدر قبل 20 عاماً حين تقرر نقل ملكيتها إلى شخص آخر باستثناء الورثة. وبقيت «خط البلدة» تنقل الركاب، وتتحدى الظروف والمنافسين مستهدفة فئة معينة من الزبائن، خصوصاً محدودي الدخل، إلى أن بدأت اللجنة المشكلة من جهات حكومية عدة خلال اليومين الماضيين بحصر تلك الحافلات ميدانياً لتنفيذ قرار مجلس الوزراء الصادر أخيرا، والقاضي بإيقاف خدمة الحافلات الأهلية «خط البلدة» في مدينتي الرياضوجدة، واستبدالها بخدمة نقل عام حديثة. ورصد مختصون في الهيئة العامة للنقل العام في السعودية ملاحظات عدة على حافلات «خط البلدة»، خصوصا أن 90% منها تعمل بلا تصريح، وتعاني من قصور شديد في وسائل السلامة، إلى جانب تسببها في التلوث الضوضائي والبيئي والبصري للمدن. ويؤكد المتحدث باسم هيئة النقل العام عبدالله صايل المطيري ل«عكاظ» أن الحملة المتعلقة بحافلات خط البلدة مستمرة حتى ربيع الآخر، لتتوقف هذه الخدمة نهائيا بعد اكتمال الحصر، وتتولى بعد ذلك اللجنة المشكلة برئاسة الهيئة وعضوية ممثلين عن: وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، الإدارة العامة للمرور، الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ومحافظة أمانة جدة، مراجعة وتدقيق بيانات الحافلات وملاكها ومقارنتها مع البيانات المسجلة. ويضيف المطيري أن انطلاق خدمات النقل العام بالحافلات الحديثة سيكون في جمادى الآخرة، وذلك ضمن المشاريع المؤقتة لحين اكتمال مشاريع النقل العام بالكامل. وأشار إلى أن وسائل النقل البديلة عن حافلات «خط البلدة» التي سيوفرها القطاع الخاص يجب أن تتوافر فيها شروط أساسية، منها توفير أعلى مواصفات السلامة والأمان، حداثة وعصرية الحافلات، ومطابقة أعلى الاشتراطات الدولية المعمول بها في خدمة النقل العام داخل المدن، ويرى المطيري أن هذه الاشتراطات تأتي لحرص الهيئة على تقديم خدمات نقل تليق بمكانة السعودية وموقعها الريادي إقليميا ودوليا. وتحتل «خط البلدة» جزءاً في ذاكرة حياة السعوديين والمقيمين، ولا يختفي عن أعينهم كل يوم طوال أعوام عديدة، ومضرب مثل لعدد من نقاشاتهم، الأمر الذي جعل من الممثل فايز المالكي ينتج عملاً درامياً جسد فيه شخصية سائق خط البلدة، وحقق نجاحاً كبيراً، كونه تطرق لحياة سائقي تلك الحافلات الشهيرة.