يبدو أن فكرة «الاتحاد الخليجي» عاودت الظهور على السطح بصيغة جديدة، إذ طالب أول أمين عام لمجلس التعاون الخليجي عبدالله بشارة بإعادة النظر في تركيبة المجلس الحالية، واعتماد قوى دبلوماسية موحدة، مشيراً إلى أن دول الخليج تأذت كثيرا من الأيديولوجيات المتطرفة، قومية كانت أم دينية. وشدد بشارة، في «ملتقى أبوظبي الإستراتيجي» الرابع الذي بدأت فعالياته أمس (الأحد) في أبوظبي، على ضرورة تبني دول مجلس التعاون لقوة ردع عسكرية موحدة، معتبراً قوات «درع الجزيرة» التي أرسلها المجلس للبحرين قبل أعوام «تعبيراً صادقاً عن الرغبة الخليجية في قوة عسكرية موحدة». ولفت إلى أن الأمن في منطقة الخليج العربي يعتبر صمام الأمان للسلم والأمن العالميين أجمع، لما تمثله من أهمية جيوستراتيجية للقوى العظمى. من جهته، شدد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش على أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي تهديد تمثله إيران ووكلاؤها، منتقداً جهود إيران لتقديم دعم نشط لوكلائها في دول أخرى وإشعال التوترات الطائفية وتهديد وحدة الدول. وقال قرقاش: «لقد رأينا في الأيام الأخيرة كيف أطلق الحوثيون وكلاء إيران صاروخا باليستيا إيراني الصنع باتجاه العاصمة السعودية الرياض»، مؤكدا أن ذلك ينسف الادعاءات الإيرانية بأن برنامجها الصاروخي دفاعي. وأكد دعم بلاده السياسة التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تجاه إيران أخيرا وبقوة، مشيرا إلى الحاجة لبناء إجماع دولي خلف هذا النهج، معبراً عن ثقته بأن المجتمع الدولي سيدرك بشكل متزايد المخاطر الناجمة عن سلوك إيران التوسعي. وجدد التزام الإمارات «بقوة» تجاه التحالف العربي الذي تقوده الرياض من أجل استعادة الشرعية اليمنية، مشيراً إلى تنامي الوعي الدولي بوجوب مواجهة التدخلات الإيرانية في المنطقة العربية الذي يتزامن مع التراجع الكبير للجماعات المتطرفة بعد هزيمة «داعش» فى الموصل والرقة، وتراجع «القاعدة» في اليمن، إضافة إلى تجفيف الدعم القطري في مساندة الإرهاب، «كلها عوامل ستساعد في تحسين فرص الوصول إلى حلول سياسية للصراعات في كل من سورية وليبيا واليمن». واعتبر قرقاش البديل عن الأوضاع الحالية المضطربة فى المنطقة هو تبني إستراتيجية تركز على تحقيق الاستقرار، مضيفاً: «الإمارات ترى أن هذه الإستراتيجية تعتمد على قوة السعودية وبرنامجها التطويري، واستقرار وقوة مصر، إضافة إلى تحديث الأجندات السياسية في المنطقة. وحدد خمسة مبادئ لتمكين الدول العربية المعتدلة قائلاً: أولها تبني أجندة مشتركة تحقق التقدم وهي عدم التسامح مطلقا مع الإرهاب وداعميه، والعمل المشترك لمواجهة التدخلات الخارجية في الشؤون العربية، وتعزيز التعاون بين الدول العربية ذات السيادة، وتبني الحلول السياسية للنزاعات في المنطقة، إضافة إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية والسياسية عن طريق الحوكمة الرشيدة وتحقيق التطوير الاقتصادي. من جهته، قال المدير التنفيذي لمركز الدراسات الإستراتيجية والدبلوماسية في جامعة جنوبفلوريدا الدكتور محسن ميلاني إن السياسة الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترمب تغيرت، وإيران أصبحت عاملاً مؤثراً على العراق، والحرب بين البلدين كانت أكبر تهديد واجهته الجمهورية خلال 500 عام، ولكن هذا التهديد تلاشى لتتحول الأخيرة إلى قوة إقليمية ولكن ليس لديها القوة العسكرية والأيديولوجية للانتصار في المعركة، والمفتاح لمنطقة أكثر استقراراً هو وجود سياسة أمريكية تحدث التوازن بين السعودية وإيران، وهناك خطر فادح بالقول إن هناك إحباطا تجاه ما أسفر عنه الاتفاق النووي، لأن نموذج «إيران ترغب بالتفاوض» أثبت فشله، مؤكدا أن إيران ضمن عوامل عدم الاستقرار في المنطقة.