لا أخفيكم أنه انتابني الليلة قبل الماضية شعور بالسعادة الغامرة إثر الإعلان عن منح الروبوت (صوفيا) الجنسية السعودية وجواز السفر، وهي المبادرة الرمزية التي تأتي لتبيان المستقبل الجديد لمشروع (نيوم) والذي يهدف وفق المعلن عنه إلى أن تكون الروبوتات أكثر من البشر والشمس والرياح في منطقة البحر الأحمر من أجل خلق الطاقة، وقد ازددت فرحاً وتفاؤلاً حين لمست تلك التعابير العفوية التي ارتسمت على محيا الروبوت المحتفى بها (الأكثر صدقاً من تعابير البشر) وهي تقول بكل فرح (إنه حدث عظيم بالنسبة لي أن أكون أول روبوت يحصل على أول جنسية في العالم). مصدر فرحي واعتزازي في الأساس هو لإقامة مثل هذا المشروع الاقتصادي الضخم في بلادي الحبيبة، مما ينبئ لها ولشعبها بمستقبل مشرق وجميل، سيقودها (بإذن الله) وعما قريب لمصاف الدول التجارية والصناعية بالعالم. أما مصدر فرحي جراء منح (صوفيا) الجنسية، فذاك لأنها روبوت، ومهما كان تشابهها مع بني البشر إلا أنها لن تصل إلى سوداويتهم وحقدهم، ولن يمكنها بأي حال الزواج أو التوالد، ولهذا لن تعايرنا أو تتعالى علينا أو تطالب بتسريحنا أو تحديد نسلنا في قادم الأيام بمجرد اكتسابها الجنسية، ولن تستميت وتتبع كافة السبل من أجل إقناع أهلها بالزواج من قريبها الأجنبي، ثم تأتي بعد زواجها وتوقيعها على إقرار عدم أحقية أبنائها وزوجها بالجنسية لتطالب بتجنيسهم، ملقية باللوم في كل الاتجاهات فيما عدا نفسها مع أنها المسؤولة الوحيدة، لن تضيع وقتنا (صوفيا) العملية والذكية في مثل هذه المواضيع البالية، لأنها لم تجنس لتشكل عبئاً علينا وإنما لتكون إضافة وركيزة أساسية في تطوير مستقبلنا. مصدر فرحي أيضاً كمواطن، هو أن حصول (صوفيا) على الجنسية يعد رسالة بالغة للمعنيين، بأن الجنسية لن تمنح أو تكتسب بعد اليوم إلا للعقول النيرة التي يمكنها أن تضيء سماء أحلامنا وتطلعاتنا، بعيداً عن العواطف التي أضاعتنا، وهو تأصيل وتطبيق عملي للنظام المعدل، الذي يؤكد على حق المسؤول بالبلاد وبدون إبداء الأسباب في رفض الموافقة على منح الجنسية للأجنبي حتى لو توافرت فيه الشروط اللازمة، خاصة أن هذا الطلب لا يعد حقاً مكتسباً لكل مقيم مهما بلغت مدة إقامته المتصلة، وإنما هو مظهر من مظاهر سيادة الدولة، ولها أن تقرر بشأنه ما تراه مناسباً. في الحقيقة إننا نبارك لأنفسنا قبل صاحبة الشأن (صوفيا) حصولها على الجنسية العربية السعودية، وقبل أن أختم كلامي أود أن أقول إن أهم مصدر من مصادر فرحي وابتهاجي هو أنه تم استثناء هذا المشروع من نظام العمل، حتى لا يخرج علينا أحد مسؤولي وزارة العمل، وبدلاً من أن يطرح علينا الحلول الناجعة التي يمكنها الحد من نسبة البطالة، نجده يفاجئنا بتصريح غريب يقول فيه: إنه سيتم توظيف أخوات (صوفيا) في وظائف السعوديين!؟ [email protected] ajib2013@