فشل مجلس الشورى في إقرار مشروع مكافحة التحرش الجنسي قبل تسع سنوات تقريباً، رغم محاولات عدد من الأعضاء تمريره لأهميته وحاجة المجتمع له، ليأتي أمر جهات عليا لوزارة الداخلية بإعداده لما يشكله التحرش من خطورة سلبية على الفرد والأسرة والمجتمع، وتنافيه مع قيم الدين الإسلامي الحنيف، والعادات والتقاليد السائدة. وجاء من ضمن فقرات المشروع الذي أجهضه المجلس وأسقطه بالتصويت، «يعتبر تحرشاً جنسياً معاقباً عليه بموجب هذا النظام كل قول أو عمل أو إشارة أو من اتخذ موقفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على الرغبة في الإيقاع الجنسي بالطرف الآخر، أو إهانته أو استفزازه أو تحقيره بسبب جنسه أو مجرد خدش حياء الأذن أو خدش حياء العين». ونصت إحدى فقرات المادة الأولى على «أن تترك لجهات التحقيق والمحاكمة سلطة تقديرية لما يعتبر من الأقوال والأفعال والمواقف تحرشاً جنسياً حسب طبيعة العلاقة بين المتهم والمجني عليه، وما تمليه عليه عادات وتقاليد المجتمع السعودي المستمدة من الشريعة الإسلامية». ويشترط أن يكون من شأن هذا السلوك أن يولد لدى المجني عليه شعوراً قوياً مبنياً على أسباب معقولة في نظر الشخص العادي بأن أي اعتراض من جانبه على هذا السلوك سيؤثر سلباً على وظيفته أو عمله أياً كانت طبيعة ودرجة هذا التأثير السلبي، كما يعتبر تحرشاً جنسياً معاقباً عليه بموجب النظام أي سلوك يمارسه صاحب العمل أو وكيله أو من يقوم مقامهما ضد أي شخص تقدم بطلب وظيفة أو عمل، سواء تم قبول الطلب أو لا، ويسأل الرؤساء والمديرون في المؤسسات الحكومية وأصحاب الأعمال أو من يقوم مقامهم كل في مجال عمله عن توفير بيئة عمل خالية من أفعال التحرش الجنسي. عقوبات التحرش: وتتضمن العقوبات المترتبة على التحرش، الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنة وغرامة مالية لا تقل عن 20 ألف ريال ولا تتجاوز 50 ألف ريال أو بإحدى العقوبتين كل من ارتكب فعلاً من الأفعال المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا النظام، وفي حال العودة تضاعف العقوبة، من غير إخلال بأية عقوبة أشد وردت بالشريعة الإسلامية أو بأحد الأنظمة المرعية. وبغير إخلال بالجزاءات التأديبية المنصوص عليها في نظام الخدمة المدنية أو نظام العمل أو الأنظمة الخاصة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن 50 ألف ريال كل من ارتكب فعلاً من الأفعال المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا النظام وفي حال العودة تضاعف العقوبة، كما يعاقب رئيس المؤسسة أو مديرها أو صاحب العمل حسب الأحوال بغرامة لا تقل عن 50 ألف ريال ولا تتجاوز 100 ألف ريال إذا أخل بالتزاماته الخاصة بمكافحة التحرش الجنسي. أسباب عرقلة المشروع: وكشفت الدكتورة حمدة العنزي والتي كانت واحدة من ثمانية أعضاء عملوا على سن وإعداد مشروع نظام التحرش بحسب المادة 23 من نظام المجلس، أن هناك أسبابا كثيرة تعاضدت وعرقلت خروج مشروع النظام إلى النور وإدراجه في جدول الأعمال للعرض في مجلس الشورى، أولها تعطيل إدراجه في جدول الجلسات مع أنه كان مكتملا نظامياً، لأنه خرج من اللجنة الاجتماعية والتي كانت عضوة فيها العنزي ثم رأستها لاحقاً . وبينت العنزي أنه على الرغم من الجهد الذي يبذله أعضاء المجلس إلا أن آلية عمله تخضع لبروقراطية معيقة له ووقت الجلسات محدود جداً والمواضيع كثيرة، مضيفة أن مشروع النظام في بدايته استلزم من اللجنة الاجتماعية أن تتصدى لأي محاولة لرفضه، وقد نجحت وساندها في ذلك توجيه وصل للمجلس مطالباً بضم نظام مكافحة التحرش إلى نظام الابتزاز والمتاجرة بالبشر، إلا أن أعضاء اللجنة الاجتماعية وبعد دراسات مستفيضة ولقاء مع عدد من الجهات قدموا تقريراً بعدم إمكانية الدمج إلا في مواد معينة لاختلاف مضمون الأنظمة الثلاثة، ونظراً لكون النظام من المقترحات المهمة كلف المجلس أعضاء من لجان أخرى للانضمام للجنة الاجتماعية وكانت لبعضهم آراء لاتخدم النظام ومع ذلك أكملت اللجنة عملها، وقدمته للهيئة العامة ومن حينها بقي ينتظر دوره للعرض. عضو شورى ل عكاظ : النظام لحماية الجميع كشفت عضو في مجلس الشورى حجب المجلس دراسة وضع نظام للتحرش في الدورة الماضية بحجة وجود أحكام في الشريعة الإسلامية تغني عن وجود مثل هذا النظام. وقالت عضو لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب بالمجلس الدكتورة أسماء بنت صالح الزهراني ل«عكاظ»: أمس صدرت توجيهات عليا لوزير الداخلية بإعداد نظام لمكافحة التحرش والرفع به خلال ستين يوماً، ما يؤكد اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بكل ما من شأنه تطبيق الشريعة الإسلامية في كافة المجالات، لافتة إلى أن وجود مثل هذا النظام يعد مطلباً ضرورياً ليس فقط بسبب السماح للمرأة بقيادة السيارة ولكن حماية للجميع، مضيفة مجلس الشورى ينتظر وصول هذا النظام، حيث سيتم التصويت عليه بشكل عاجل، ولن يكون هناك وقت لدراسته وزادت: صحيح أن المرأة تحتاج إلى هذا النظام خصوصاً في هذا الوقت مع السماح لها بقيادة السيارة، ولكن أيضا يحتاجه الرجل والطفل للحماية، وسيكفل النظام الحماية للسعوديين العاملين في شركات الأجرة من الحملة التي تحاول التشهير بهم، وكذلك العاملين في القطاع الخاص «المولات والشركات».