لطالما كان هناك سؤال يدور بخاطري وخاصة منذ اندلاع ثورات الدمار العربي، هل نحن فعلاً في حالة حرب؟ الجواب بالتأكيد: نعم، وعلى الرغم من أن الأمور تبدو على درجة عالية من الاستقرار -فعلى أقل تقدير نحن لا نرى المدرعات ولا نسمع هديرها- إلا أننا في حالة حرب، حيث يتطلب الأمر منا الجاهزية التامة، فالاضطرابات في الدول شمال المملكة كالعراق وسوريا المشتعلتين، أو في الجنوب حيث يرابط جنودنا لوقف التمدد الحوثي، أو في شرقنا المتمثل في إيران المتربصة وقطر المتآمرة، فإن الأمر يتطلب منا الجاهزية التامة لمواجهة حتى أقل الاحتمالات ضرراً للحفاظ على استقرارنا. في المقابل.. وعلى الرغم من محاولات القيادة في المملكة التصدي للكثير من المؤامرات التي تحاك ضدنا بحائط حسن الظن، إلا أن الطرف المقابل من المؤكد لا ينظر لها بنفس الرؤية، بل ويصر على التمادي في الغي لتنفيذ الأجندة الخاصة به سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. بصفة شخصية لا أرغب دوماً في الانسياق خلف ما يُردد في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي دون أن ألجأ إلى ملكة التفكير والتحليل التي حبانا الله بها، وميزنا بها عن بقية المخلوقات، منذ فترة يحاول الصائدون في المياه العكرة الترويج لفكرة مفادها أن هناك مؤامرة تحاك ضد قطر، والحقيقة أننا لو عدنا للتاريخ لوجدنا أن الملك سلمان بدأ عهده بتجاوز الماضي بكل ما يحمله من تسجيلات وتصريحات وتناقضات لم يعلن منها إلا القليل، ولعلي أعود للماضي القريب عندما قام الملك بزيارة سريعة لقطر لتقديم واجب العزاء في الشيخ خليفة بن حمد، والثانية كانت بعدها بشهور معدودة لفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين الشقيقتين المملكة وقطر، وهو ما لم يحدث منذ سنوات طويلة. غير أن سُحب السلام التي سادت برهة بين البلدين سرعان ما تبددت مع بداية توالي طعنات الغدر القطري، بعد أن تلبد الجو بغيوم السلوكيات القطرية السامة التي سممت الأجواء بين البلدين، والتي بدأت كمسلسل لن تنتهي حلقاته إلى الأبد، ولعل آخرها تصريح وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري قبل أسابيع بأن إيران شريفة! ترى هل هو شرف احتلال الجزر الإماراتية؟ أم أنه دعوات الطعن في سيادة المملكة من خلال تسييس شعائر الحج المقدسة؟ أم تراه يقصد شرف سلوكياتها السياسية الرعناء مثل سماحها للرعاع باقتحام السفارة السعودية بطهران؟ وأخيراً وليس آخراً هل يقصد دعمها للحوثيين وتدمير اليمن حكومة وشعباً دون أدنى اهتمام بالشعب اليمني؟ ليتنا نسأل السيد شريف -الوكيل الشرعي لإيران في الخليج- عما يقصده تحديداً بمفهوم الشرف، كما نريد أن نستفسر منه عن المخرجات التي يتوقعها جراء تصريحه هذا، ونريد أن نستفهم منه ومن الكثير من المعلقين والمغردين الذين تدعمهم الدوحة، والذين يدعون أن المملكة لا ترغب بالفعل في حل الأزمة، نريد أن نسألهم عن مدى تأثير مثل هذه التصريحات على محاولات حل الأزمة، هل ستسهم في حلها أم ستساعد على تفاقمها؟ ولو لم تكن المملكة تريد حلاً لهذه الأزمة، فلِمَ بادر ولي العهد بالرد على اتصال أمير قطر الهاتفي؟ ولِمَ تم الإعلان عن هذا الاتصال فور حدوثه في جميع وسائل الإعلام السعودية قبل أن يتم إطلاق التصريحات الاستفزازية القطرية التي قلبت الأمور رأساً على عقب بعد ذلك؟ ترى هل تم اختراق وكالة الأنباء القطرية مرة أخرى كما أدعت في المرة الأولى؟ إن كل ذلك يؤيد بلا شك تواطؤ قطر مع النظام الإيراني، بل إن قطر من جهتها تبارك هذا التواطؤ! قد يتفق معي البعض فيما سبق وقد يختلف، والاختلاف ظاهرة صحية على كل حال، غير أن الاختلاف في هذا الوقت الحرج هو مربط الفرس، فالخروج عن السرب وقت الحرب هو محاولة لشق الصف وتشتيت الجهود، فنحن في أشد الحاجة لتوحيد صفوفنا وتوجهاتنا ضد عدو ظاهر لا يختلف عليه اثنان، فما يحاك ضدنا من مؤامرات في ظلمات الليل يجعل الصمت في كثير من الأحيان أبلغ من الكلام، خاصة في ظل تلك الدعوات المشبوهة المدعومة مالياً وإعلامياً من السيد شريف والسيدة شريفة لإثارة الفتنة في أرجاء البلاد، فإيران ووكلاؤها لن يهدأ لهم بال حتى تكون أراضينا مسرحاً للحروب الأهلية كتلك التي في العراق وليبيا واليمن وسوريا. [email protected]