عقب الزوبعة السياسية التي أثارها النظام القطري مؤخراً، والتي هتك عنها اللحاء ما نسب للأمير تميم، من تصريحات فيما يخص موقف بلاده من طهران والدول العربية، ولا سيما المملكة العربية السعودية ومصر والامارات، والرأي العام العربي مرجل لا يخمد، بعد التصعيد القطري الأخير، الذي يرى بعض المراقبين أنه بمثابة طعنة تشق الصف الخليجي والعربي، بشكل رسمي هذه المرة، لا من وراء أستار النوافذ الإعلامية كما تقتضي العادة، واستجابة لخطورة الموقف أجرت "الرياض" هذا الحوار مع الدكتور سعيد اللاوندي، الكاتب الصحافي والخبير في العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، للاستضاءة بتحليلاته السياسية؛ لفك الالتباس فيما يخص هذه الأزمة، واستجلاء أبعادها المستقبلية. * هل ترى أن تصريحات الأمير تميم التي نشرت في موقع وكالة الأنباء القطرية منسوبة إليه زوراً بعد اختراق موقع الوكالة، أم هي تصريحاته فعلاً وأحجم عنها؟ * لم يتم اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية، بل إن قطر هي من تخترق المواقع العربية، هذه التصريحات مؤكدة للشيخ تميم، وقد تراجع عنها بعد أن جاءته تعليمات مشددة من جانب الولاياتالمتحدة الأميركية تحذره لأنه لم يتجرأ على مهاجمة السعودية ومصر والإمارات، إلا بعد أن أشاد الرئيس ترامب بالأمير تميم أثناء حضوره في القمة الأميركية الإسلامية، أعتقد بشكل أو بآخر أن الأمير تميم بهذه التصريحات والسياسات أحكم العزلة على نفسه، وأحكم الحبال حول عنقه، لأن كل الدول العربية وخاصة السعودية ضده تماماً، مع أنها كانت ترحب به، أعتقد أنه يميل بشكل أو بآخر إلى إيران، وهذا في حد ذاته بمثابة إعلان حرب ضد السعودية، لكن بقية الدول وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية ومصر ضده تماماً، بما يعني فرض العزلة بإحكام على قطر. * ما تفسيرك لسياسات قطر الأخيرة، وقلبها ظهر المجن للخليج والارتماء في أحضان إيران؟ * هذه سياسة قطر دائماً، لكن الآن وجهت اتهاماتها للمملكة العربية السعودية، ولم تصن العهد ولا اللياقة باعتبارها دولة من دول مجلس التعاون الخليجي، وأعتقد أن سياسات قطر دائماً ضد الصف العربي، وكل تصريحات الأمير تميم وكل سياساته الداخلية والخارجية تؤكد ذلك بدءاً من تعاونه مع جماعة الإخوان الإرهابية وانتهاءً بتعاونه مع إيران، أعتقد أنه ضد السعودية ومصر والإمارات منذ مدة طويلة، بمعنى آخر أن مصر كانت قد اعتبرت جماعة الإخوان جماعة إرهابية وكذلك فعلت السعودية والإمارات، ورغم ذلك يمد الأمير تميم يد العون إلى هؤلاء ويحتضنهم ويسمح لهم بترويج أفكارهم الانتهازية والإرهابية عبر قناة الجزيرة، فالرجل لم يكشف عن سياساته مؤخراً، ولكنه دائماً ضد الصف العربي. * لكن لماذا يسعى الأمير تميم للإساءة إلى السعودية؟ لماذا يخسر ظهيره الاستراتيجي الخليجي؟ * لأن الخبرة السياسية لدى الشيخ تميم ضعيفة جداً باعتباره شاب أهوج، فهو يرى أن اتصالاته مع إيران تقويه، وأن القاعدة العسكرية الأميركية تقويه بشكل أو بآخر، كما لا ينبغي أن ننسى أن الأمير تميم لا يحكم بمفرده، وإنما تشاركه أطراف أخرى في الحكم. * ما مصلحة قطر في دعم الإرهاب؟ * قطر تدعم الجماعات الإرهابية نكاية في مصر، باعتبار أن ما يحاول أن يزعزع الاستقرار في مصر الجماعات الإرهابية سواء من ليبيا أو مناطق كثيرة في العالم، في حين أن مصر تؤكد أن الإرهاب لا دين ولا وطن له وأنه آفة عالمية ويجب أن تكون مكافحته مكافحة عالمية. * إلى أي مدى يمكن أن يدوم التقارب القطريالإيراني؟ * سيدوم طويلاً في الفترة القادمة؛ لأن إيران ليس لديها فرصة لاختراق العالم العربي سوى من خلال قطر، فلا بد أن تبقى على هذه العلاقة أطول مدة ممكنة، فأعتقد أن هذه العلاقة ستظل مستمرة لبعض الوقت. * كيف ترى ردود أفعال دول مجلس التعاون الخليجي على قطر؟ وما السيناريوهات المستقبلية؟ * التوقع هو القيام بإجراءين -على الأقل- في المرحلة الأولى يتمثلان في: تجميد عضوية قطر في جامعة الدول العربية، وتجميد عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي؛ وفي المرحلة الثانية: أعتقد أنه سيكون هناك علاقات تجارية مقطوعة بشكل أو بآخر، ولن يمكن لقطر حينذاك التعاون مع دول مجلس الدول التعاون الخليجي كلها، وهنا سوف تلجأ قطر للتعامل فقط مع سلطنة عمان، فلديها علاقات طيبة معها، ناهيك عن الجمهورية الإسلامية في إيران. * كيف ستؤثر سياسات قطر الأخيرة في العلاقات المصرية الخليجية؟ * أعتقد أن علاقة مصر بالسعودية ستجب أي علاقة أخرى، وأعتقد أنه لا صلة لمصر بأي شيء يحدث في قطر، فمصر لا تحاول التدخل في شؤون قطر الداخلية، مثلما تتدخل قطر في شؤون مصر، ثم إن قطر تحاول أن تتطاول على مصر، متصورة أنها ستكون بحجم مصر، وهذا شيء صعب. * تقييمك لتغطية الإعلام السعودي والمصري لتصريحات الأمير تميم؟ * أعتقد أن الحملة الإعلامية الحقيقية هي تلك التي يشنها الإعلام السعودي على قطر، كرد فعل عما تفعله وتظهره قطر من سياسات وتصريحات. * لماذا لم تقطع مصر العلاقات الدبلوماسية مع قطر حتى الآن؟ * مصر لا تريد أن تتسبب في إحداث خلخلة أو فرقات في الفضاء العربي، ولكن أعتقد أن المرحلة الآن أصبحت واضحة تماماً وأن قطر تحاول إرباك النظام المصري، حتى في أحداث المنيا الأخيرة، سمحت لعدد من الأشخاص بالهجوم على مصر في قناة الجزيرة وتوجيه الاتهامات المغرضة للدولة المصرية، أعتقد أن مصر تفكر جدياً هذه الأيام في قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. * برأيك ما الذي يمكن أن تقدمه مصر للخليج في الفترة المقبلة؟ * التعاون في الأمن والاستقرار، وأعتقد أن مصر يمكن أن تتعاون مع الخليج في مكافحة الإرهاب، باعتبار أن الإرهاب كما قال الرئيس السيسي لايتمثل فقط في الشخص الذي يحمل السلاح، بل وفيمن يوفر له التمويل والتدريب والتسليح. * كيف يمكن لمصر والدول الخليجية أن تتصدى لأذرع قطر الإعلامية؟ * لا بد من الرد على الإعلام بإعلام، لكن لا يمكن الرد على الإعلام بالتدخلات العسكرية، فنحن نرفض أن يكون هناك أي تدخلات عسكرية في الدول العربية، ولكن يجب أن يكون هناك حل سياسي.