تبدو لغة المسؤولين القطريين عصية على الفهم العالمي، فما يفهمه العالم على أنه "تناقض" يراه القريبون من دوائر صنع القرار في الدوحة بأنها مراوغة ودهاء، فالشعب القطري والإمارة الصغيرة يتعرضان ل"حصار جائر" فرضته دول الجوار في كافة مناحي الحياة، إلا أن الدوحة تدير حياتها واقتصادها بنجاح بفضل المعابر الجوية البحرية التي لا تخضع للدول المقاطعة. ما يراه مراقبون ب"التناقض"، هو ما كرره أمير قطر تميم بن حمد في الجلسة الافتتاحية للدورة ال72 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك اليوم (الثلاثاء)، وسبق أن وقع في ذات التناقض في أول إطلالة له منذ مقاطعة الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب لبلاده. لغة "التناقض" صاحبت المسؤول القطري في محافل عالمية عدة، فوزير خارجية الدوحة محمد بن عبدالرحمن ينكر –قطعياً- دعم الإرهاب، بيد أنه يؤكد في ذات المناسبة أن بلاده تحتل مراتب متأخرة في دعم الإرهابيين. كما أن مبدأ الحوار مرفوض عند المسؤول القطري مالم تنهي الدول الأربع ما يعتبره "حصاراً"، بيد أنه يؤكد في ذات الوقت استعداده للحوار للخروج من الأزمة. فيما يبادر أمير البلاد بالاتصال على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لبحث الخروج من "ورطة القطيعة"، تظهر وكالة أنبائه الرسمية أخباراً مناقضة لذات الفعل، ما يزيد الشكوك عن عدد الرؤوس التي تمسك زمام القرار في الإمارة الصغيرة. مسلسل التناقضات لا يزال مستمراً، فمنذ الخامس من يونيو الماضي، لا يزال التناقض سيد الموقف والكلمات على لسان المسؤولين القطريين، ما أظهر للعالم أجمع الفرق بين إدارة الدولة وإدارة العصابات، وليكشلف جلياً ورطة المسؤولين القطريين في فهم "اللعبة السياسية" التي كانت منذ اليوم الأول من يونيو 1995 مراهقة لطخت تاريخ الإمارة الخليجية الحديث.