شرعت إسبانيا في عملية واسعة النطاق لمكافحة الإرهاب اليوم الجمعة بعدما قاد من يشتبه بأنه إسلامي متشدد سيارة فان ودهس بها حشودا في برشلونة فقتل ما لا يقل عن 13 شخصا قبل أن يلوذ بالفرار فيما تعتقد الشرطة أنه واحد من عدة هجمات مزمعة. وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم الدامي الذي وقع في أشهر شوارع المدينة أمس الخميس بينما كان مكتظا بالسائحين. ورجحت السلطات ارتفاع عدد القتلى في ظل إصابة أكثر من 100 شخص بعضهم حالته خطيرة. وبينما تعقبت قوات الأمن سائق السيارة الفان، الذي شوهد وهو يفر على قدميه، قالت الشرطة إنها قتلت خمسة مهاجمين ليل الخميس في بلدة كامبريلس إلى الجنوب من برشلونة خلال عملية لإحباط "هجوم إرهابي" باستخدام أحزمة ناسفة. وأصيب ستة مدنيين وشرطي واحد في كامبريلس عندما دهسهم المهاجمون بسيارة قبل أن تقتلهم الشرطة بالرصاص وتشرف على عملية تفجير للمواد الناسفة. وقالت الشرطة إن مؤامرة كامبريلس لها علاقة بهجوم السيارة الفان. وقبل أن تدهس السيارة الفان الحشود في شارع لاس رامبلاس قالت الشرطة إن شخصا واحدا قتل في انفجار بمنزل في بلدة أخرى جنوب غربي برشلونة. وذكر مصدر في شرطة كتالونيا أن سكان المنزل كانوا يعدون متفجرات. وقالت الشرطة إنها ألقت القبض على رجلين أحدهما مغربي والآخر إسباني من جيب مليلية لكن أيا منهما لم يكن السائق. وأضافت أن الوضع في كامبريلس بات تحت السيطرة. ولم يتضح بعد عدد الأشخاص الذين شاركوا في هجوم السيارة الفان أو الهجمات الأخرى أمس. وأفاد شهود بأن السيارة الفان البيضاء انطلقت مسرعة على نحو متعرج في شارع لاس رامبلاس المزدحم وهو مقصد شهير للسياح ودهست المارة وتركت جثثا ملقاة في أنحاء الطريق. وذكرت حكومة كتالونيا في بيان اليوم أن المصابين والقتلى قدموا من 24 دولة مختلفة تتراوح من فرنسا وألمانيا إلى باكستان والفلبين. وأعلنت وكالة أعماق التابعة لتنظيم داعش الخميس مسؤولية التنظيم عن الهجوم وقالت إن منفذي "هجوم برشلونة هم من جنود داعش ونفذوا العملية استجابة لنداءات استهداف دول التحالف". ولم يتسن التحقق من إعلان المسؤولية بشكل مستقل. ولإسبانيا بضع مئات من الجنود في العراق يدربون القوات المحلية في الحرب ضد داعش لكنهم لا يشاركون في العمليات البرية. وإذا تأكد تورط التنظيم المتشدد فسيكون الهجوم هو الأحدث في سلسلة من الهجمات التي وقعت على مدى 13 شهرا مضت واستخدم فيها المهاجمون سيارات بما تسبب في فوضى في شوارع مدن أوروبية مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص في نيس وبرلين ولندن وستوكهولم. وقال شاهد العيان توم جولر لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) "سمعت صرخات وصوت ارتطام ثم شاهدت الحشود تتفرق وهذه الشاحنة تجري بسرعة في وسط لاس رامبلاس وأدركت على الفور أن هذا عمل إرهابي أو شيء من هذا القبيل". وأضاف "لم تبطئ على الإطلاق. كانت تسير بشكل مستقيم وسط الحشود في قلب لاس رامبلاس". وأسقط الهجوم أكبر عدد من القتلى في إسبانيا منذ مارس 2004 عندما وضع متشددون قنابل في قطارات ركاب في مدريد مما أسفر عن مقتل 191 شخصا وإصابة أكثر من 1800 آخرين. وأعلن رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي الحداد لثلاثة أيام . وقال في مؤتمر صحفي في برشلونة "الحرب ضد الإرهاب هي اليوم الأولوية الأولى للمجتمعات الحرة والمنفتحة مثل مجتمعاتنا. إنه تهديد عالمي والرد يجب أن يكون عالميا". وقالت العائلة المالكة في إسبانيا على تويتر "هم قتلة. لا شيء أكثر من مجرمين لن يرهبوننا". وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب "الولاياتالمتحدة تستنكر الهجوم الإرهابي في برشلونة بإسبانيا وستفعل أي شيء ضروري للمساعدة". وأضاف "كونوا أشداء وأقوياء. نحن نحبكم!". وقالت الشرطة إن الرجلين الذين اعتقلا الخميس وألقي القبض عليهما في بلدتي ريبول وألكانار في إقليم كتالونيا وعاصمته برشلونة. كما وقع انفجار في ألكانار في الساعات الأولى من صباح أمس. وذكرت الشرطة أن شخصا واحدا قتل وأصيب آخر في ذلك الحادث. وفي واقعة أخرى قتلت الشرطة بالرصاص رجلا صدم بسيارته نقطة تفتيش تابعة للشرطة في برشلونة لكن ليس لديها دليل على أن هذه الواقعة أيضا مرتبطة بهجوم السيارة الفان. وأظهرت مشاهد التقطتها كاميرات الهواتف المحمولة العديد من الأشخاص متمددين على الأرض في شارع لاس رامبلاس وبعضهم فاقد الحركة. وانحنى عليهم المسعفون والمارة في محاولة لعلاجهم ومواساة من لا يزال في وعيه. وكان الشارع حولهم مهجورا ومغطى بالقمامة والأشياء التي تركها أصحابها في غمرة الهجوم. وقال وزير الخارجية البلجيكي إن بلجيكيا بين القتلى. وأوضح كارليس بيجد يمونت رئيس حكومة إقليم كتالونيا أن الناس يتدفقون على المستشفيات في برشلونة للتبرع بالدم. وقالت سوزانا إلفيرا كارولينا (33 عاما) والتي تعمل في متجر في لاس رامبلاس إنها كانت دخلت لتوها المبنى الذي تعمل فيه عندما هاجمت السيارة الحشود. وأضافت "لدينا نافذة ويمكنك مشاهدة الجثث متمددة من هنا... يمكنك مشاهدة كيف كان يركض الأشخاص...أغلقنا الستائر لكن الناس ظلت تأتي واضطررنا لإبقائها مفتوحة كي يتمكنوا من دخول المتجر". ووقع الهجوم في ذروة الموسم السياحي في برشلونة إحدى أكبر مقاصد السفر في أوروبا حيث يزورها ما لا يقل عن 11 مليون شخص كل عام. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي شهدت بلاده بعضا من أدمى هجمات المتشددين في أوروبا في السنوات القليلة الماضية، على تويتر "فكري وتضامن فرنسا مع ضحايا الهجوم المأساوي في برشلونة". وقالت السلطات في بلدة فيك الصغيرة خارج برشلونة إنه جرى العثور على سيارة فان هناك فيما له صلة بالهجوم. وكانت وسائل الإعلام الإسبانية ذكرت في وقت سابق أن سيارة فان ثانية استؤجرت للهروب. وبرشلونة عاصمة إقليم كتالونيا الغني في شمال شرق إسبانيا، الذي يعتزم إجراء تصويت شعبي في أول أكتوبر بشأن ما إذا كان يجب أن ينفصل عن إسبانيا. وتقول الحكومة المركزية إن التصويت لا يمكن أن يمضي قدما لأنه غير دستوري. وقبل هجوم الخميس أظهرت بيانات الحكومة أن الشرطة ألقت القبض على 11 مشتبها بأنهم متشددون في منطقة برشلونة منذ بداية العام وهو ما يزيد على أي مكان آخر في إسبانيا. إلى ذلك قالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان إن 26 مواطنا فرنسا أصيبوا بجروح في هجوم برشلونة وإن 11 منهم حالتهم خطيرة. وأضاف البيان أن وزير الخارجية جان إيف لو دريان سيزور برشلونة في وقت لاحق اليوم الجمعة لتفقد هؤلاء الضحايا وأن القنصلية الفرنسية في برشلونة على اتصال مع السلطات الإسبانية. ودشنت إسبانيا اليوم عملية أمنية لمكافحة الإرهاب.