بدأت وحدة حماية الشعب تتشكل كقوة عسكرية منظمة على الأرض في منتصف 2012 بشكل فعلي، لكن هذا التشكيل كان له جذور في الحالة السياسية السورية. مع بداية الأحداث في سورية، اندفع حزب الاتحاد الديموقراطي PYD لتمييز نفسه بقوة عسكرية منظمة على المستوى السوري. ورأى «PYD» أن الثورة فرصة تاريخية يجب اغتنامها ورفع سقف الطموح الكردي بعد أن تمت إزالة كل سقوف الأسد، وهنا تراءى للحزب أنه ما من قوة بعد اليوم تستطيع إيقاف الطموح الكردي. وعندما أدرك الأكراد أن المعارضة السورية في الخارج غير متحمسة للطرح الكردي، بقي الأكراد على الحياد ولم يقطعوا خطوط التواصل لا مع النظام «أمنيا» ولا مع المعارضة إلى أن بدأت مرحلة نزوع الثورة إلى التسلح والتوجه إلى مبدأ إسقاط النظام بالقوة العسكرية، هذا التطور دفع «PYD» إلى إعادة التمركز وتشكيل قوة مسلحة تفرض وجودها على الساحة وكانت النتيجة ولادة «YPG» من رحم الجناح السياسي ل «PYD».. وبطبيعة الحال كان مقاتلو حزب العمال الكردستاني «PKK» المصنف حزبا إرهابيا، «الدينمو» المحرك لهذه القوة العسكرية، وهو أمر بات معروفا بعد معركة عين العرب «كوباني». بدأت موجة الهجرة الكردية لمقاتلي حزب العمال من منتصف العام 2012 متوجهين إلى سورية. ومن المفارقات في هذا الأمر أن أول قتيل من حزب العمال الكردستاني كان من إيران في ديريك (الحسكة) خلال المواجهات مع إحدى الكتائب الإسلامية. وفي نهاية العام 2013 اكتملت القوة العسكرية الكردية في الشمال السوري باسم «YPG» المخصصة للرجال و«YPJ» المخصصة للنساء. تطلب تأسيس قوة كردية مسلحة على الأرض مساحة جغرافية آمنة تسهل الحركة العسكرية وتوفر موقعا للتدريب وتأهيل المقاتلين المتوافدين، لذلك كان على وحدات حماية الشعب انتزاع بعض الأراضي؛ تارة بالقتال وتارة بانسحاب قوات النظام من بعض الأراضي وبسطت وحدات الحماية سيطرتها على مناطق واسعة في الحسكة وعفرين وعين العرب «كوباني» التي خرج منها النظام بدون مواجهات في تموز العام 2012. وقد أصبحت هذه المناطق فيما بعد أقاليم الإدارة الذاتية التي أسسها حزب الاتحاد. أمسك حزب الاتحاد الديموقراطي العصى من المنتصف في التوازن، بين تحاشي الاصطدام مع الجيش الحر والكتائب الإسلامية وبين عدم المواجهة المباشرة مع النظام. وقد كان ظنه حيال الكتائب الإسلامية في محله، إذ أعلنت هذه الكتائب عداءها له وللأكراد عموما وجعلت قتال «PYD» في المرحلة الثانية من مشروع القتال الدائم في سورية. هذه التطورات في نمو القوى المتصارعة تزامنت مع سعي الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية لتشكيل تحالف دولي بعد سقوط الموصل في يوليو (حزيران) على يد داعش والسيطرة على الرقة، الأمر الذي جعل الأكراد في المنطقة أن يكونوا منتدبين من الدول الغربية وفي الخط الأول لمواجهة التنظيم، ذلك أن المصالح التقت تماما بين الغرب والأكراد في قتال «داعش» وحان الوقت لإيجاد صيغة جديدة للتعامل مع الأكراد. كان التحالف بين الدول الغربية والقوى الكردية عموما نقطة تحول في المنطقة وإعادة ترتيب القوى المتصارعة على الأرض السورية خصوصا؛ ففي الوقت الذي كان التحالف الدولي وخصوصا أمريكا تحجب الأسلحة المتطورة وغير المتطورة عن المعارضة السورية، امتلأت المناطق الكردية في سورية والعراق بأحدث أنواع السلاح. وقد حصنت وحدات الحماية الشعبية مواقعها من أجل مهمة قتال «داعش». كان التحالف الكردي مع الغرب نقطة تحول استثمرها الأكراد، لكن السؤال ماذا في حال تخلت واشنطن عن الأكراد؟