عادة ما تأتي سيرة الأمير تركي بن خالد مقرونة بالطموحات والأفكار الخلاقة والنجاحات التي لا تخطئها العين، حتى أضحى وجوده رغم حرصه الدائم على عدم نسب التميز لنفسه إلا أنه يظل علامة كاملة لنجاح أي مشروع، ومن هنا جاءت خطوة ترشيحه لرئاسة الاتحاد العربي، فالحي كما يقولون «يحييك»، وكان الاتحاد الذي نام على مخدة النسيان بحاجة إلى شخصية فاخرة في حجمه وقامته وفكره؛ لينهض من جديد من هذا السبات.. وقد كان.. فالاتحاد الذي عاد إلى الحياة، جاء هذه المرة «محمولا مكفولا» على أكتاف مسؤول بارع عرف كيف يمسك الخيوط من المحيط للخليج ليعود به إلى الواجهة عنوانا للوحدة العربية. وإضافة ثرة للكرة في بلدانها على أكثر من صعيد. الأمير تركي بن خالد الذي اقتطعت «عكاظ» بعضا من وقته الثمين فتح حقيبته العربية بكل رحابة صدر، وتحدث كما لم يتحدث من قبل عن شؤون وشجون الاتحاد المولود من جديد، وعن طموحاتهم في المرحلة القادمة، وعن البطولة الأولى ذات الجوائز الضخمة التي تجرى الترتيبات لانطلاقتها في القاهرة، وعن أمور أخرى كثيرة وردت في هذا الحوار.. •في البداية، سألنا سموه عن البطولة العربية، وكيف يرى مستوى التنظيم، وتجاوب الاتحادات المحلية العربية معهم؟ •• أجاب: الحمد لله عملنا ما نقدر عليه، فالاستعدادات جارية على قدم وساق، والتحضيرات على أعلى مستوى، والعمل يسير وفق ما تم التخطيط له، ونتطلع لتنظيمٍ إن شاء الله يكون في أفضل صورة وأفضل مما نتمنى، والتفاعل من الاتحادات الأهلية جيد جدا. وأيضاً الإخوان في مصر متعاونون جدا، والإخوان في الاتحاد العربي والمكتب التنفيذي يبذلون جهدا كبيرا. وبالطبع واجهنا بعض الصعوبات والتحديات البسيطة نظير الانقطاع الذي صاحب البطولات العربية وتأثير ذلك على المجتمع الرياضي العربي ولكن نحن متفائلون بنجاح البطولة. • عودة البطولات العربية بعد انقطاع كبير كما ذكرتم، هل أفقد الشارع الرياضي العربي الثقة في إقامتها ونجاحها؟ وكيف استطعتم التغلب على هذه الإشكالية؟ •• الاتحاد العربي لكرة القدم وخلال ال40 سنة الماضية برئاسة الأمير الراحل فيصل بن فهد ومن ثم الأمير سلطان بن فهد والأمير نواف بن فيصل وكافة العاملين، ساهموا في تكوين شعبية ومحبة في كثير من الدول العربية جعلتها تتهافت على المشاركة، وإن كانت نسبة الحماس متفاوتة من دولة إلى أخرى للمشاركة، ولكن الرغبة لدى الجميع. • ما أبرز تلك المعوقات؟ •• هناك معوقات ساهمت بصورة مباشرة أو غير مباشرة في عدم المشاركة، ومنها توقيت إقامة البطولة الذي كان يتداخل مع المسابقات الأخرى في منتصف الموسم، مما أثر على البرامج المحلية للاتحادات العربية واستعدادات المنتخبات، ومستوى التنظيم وأيضا طول فترة المسابقة. إلى جانب حجم الجوائز؛ لذا نحن أخذنا كافة المعوقات في الاعتبار، وعملنا مع الأندية والاتحادات العربية على معالجتها ومن خلال مقترحات الأندية نفسها، لذلك حددنا الوقت المناسب، وحاولنا أن نجعل التنظيم بصورة أفضل، كما أننا رفعنا سقف الجوائز لتصبح عالية جدا، أضف إلى ذلك ساهمنا في مساعدة الأندية للمشاركة من خلال تعديل الأنظمة واللوائح إذ رفعنا سقف اللاعبين المسجلين من 23 لاعبا كما هو حال البطولات الأخرى إلى 30 لاعبا حتى تتمكن الأندية من تسجيل أكبر قدر من اللاعبين وتجربتهم والوقوف عليهم قبل بداية الموسم، بالتالي أصبحت البطولة العربية فرصة كبيرة للأندية بإتاحة الفرصة لجميع اللاعبين بالمشاركة، الأمر الآخر وضعنا نظاما صارما لن نقبل الحياد عنه، وهو أن الفرق المشاركة هي الفرق البطلة أما للدوري أو الكأس أو وصيفهما بمعنى أن الاتحاد العربي لن يقبل مشاركة أي فريق ما لم يكن بطلا أو وصيفا حفاظا على قوة المنافسة، ولا يمكن أن نحيد عن هذا النظام، للمعلومية تم رفض مشاركة أندية لها شعبيتها ومكانتها الجماهيرية والإعلامية؛ لأن لو تخلينا عن هذا النظام فإنك سوف تشاهد مشاركات ومستويات أقل مما يطمح إليه المشاهد العربي. وفي حالة قبولنا التنازل عن النظام أعتقد بأننا رجعنا إلى نقطة الصفر من جديد. • هل يحق للاتحاد العربي أو الشركة الراعية اختيار أندية للمشاركة؟ •• جميل هذا السؤال.. لا يحق للاتحاد العربي أو الشركة الراعية فرض أندية معينة للمشاركة باستثناء الدولة المستضيفة يكون لديها فريق مستضيف وآخر بطل. • سجل الاتحاد العربي في الفترة الأخيرة «فشلا» ترتب عليه غياب البطولات العربية، بعد توليكم رئاسة الاتحاد ما الخطة الإستراتيجية التي انطلقتم منها لإعادة التوهج للبطولات العربية؟ •• لا شك أننا عملنا وفق أهداف، ولعل الهدف الأول أننا نمثل المملكة، وكما يعلم الجميع أن المملكة لها ثقل كبير على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والرياضية ولمّ الشمل العربي. بالتالي حرصنا على أن نعمل من أجل إعادة الاتحاد العربي للواجهة. الهدف الثاني احترام الاتحادات العربية في آسيا وأفريقيا واحترام برامجها الداخلية، والهدف الآخر أننا نحن في الاتحاد حرصنا ألا يكون الظهور من أجل الظهور، وإنما علينا أن نقدم الاتحاد العربي وبطولاته بأفضل صورة ممكنة، وذلك من خلال أن نكون واقعيين نحاول تعزيز الإيجابيات الموجودة ومعالجة السلبيات التي تطرقنا لها في بداية الحديث، إلى جانب أن الاتحاد العربي كانت عليه مديونيات كبيرة تم سدادها بالكامل، وكانت هناك قضايا في المحاكم تم حلها بالكامل ما سهل علينا العمل. أما الإستراتيجية الأخرى فهي تصنيف للبطولات، وأيهما نبدأ بها، فقد كانت البداية ببطولات الأندية وإن شاء الله مع مطلع 2019 يكون هناك بطولات المنتخبات والبطولات السنية بمختلف فئاتها والبطولة الشاطئية وبطولة الصالات، وهناك بطولة القدس التي ستكون في المغرب، وأيضا يوم فلسطين، إذ إننا سنعمل على مشاركة فريق فلسطين في كل دولة في التوقيت نفسه دعما للرياضة الفلسطينية. • هل ستستمرون على هذا التوقيت في البطولات القادمة؟ •• نعم البطولات العربية للأندية الأبطال ستكون ما بين 15 يوليو حتى 30 أغسطس من كل عام. • ما الخطوة القادمة للاتحاد العربي بعيداً عن تنظيم البطولات؟ •• يعمل الاتحاد العربي حاليا على مساعدة الأندية العربية والاتحادات المحلية في كافة الجوانب، فهناك اتحادات تحتاج إلى خبرات ودورات وإقامة المسابقات، سنسعى إلى دعمها وجلب المعونات لها. والنقطة الأهم أننا في الاتحاد العربي نعمل على المساهمة قدر الإمكان في حل المشكلات التي تعترض الكرة العربية في الخارج ونسعى لحلها مثل الوضع في الكويت والسودان، وبذل كل الجهود التي نقدر عليها، كما نحاول أن ننجح في إقامة المباريات على أرض العراق، كذلك محاولة إيجاد حل لإشكالات الفرق الفلسطينية ودعم المرشحين العرب. ولعل من أبرز المساهمات أن الاتحاد العربي له دور كبير في عودة الجماهير المصرية للملاعب، إذ سيسمح لدخول الجماهير المصرية مع انطلاقة البطولة العربية بعد غياب ست سنوات كل تلك الملفات قام الاتحاد العربي ببحثها مع الاتحاد الدولي والاتحادات الأفريقية والآسيوية، بمعنى أن الاتحاد العربي ليس دوره تنظيميا فقط، وإنما أيضا داعم للاتحادات العربية، ولا شك ما يقوم به الاتحاد العربي يمثل القيمة المضافة للكرة العربية. فقد كان الاتحاد الدولي عندما يريد الاستفسار عن 22 دولة يبحث عن كل دولة لكن الآن عندما يسأل عن 22 دولة يسأل الاتحاد العربي فقط ليحصل على كل ما يريده فنحن نعمل على توفير المعلومات والدراسات عن كرة القدم العربية بكل تفاصيلها. • كيف استطعتم توحيد الاتحادات العربية في آسيا وأفريقيا؟ •• رغم المحبة المتبادلة بين الجميع، إلا أننا فتحنا في اجتماعاتنا معهم قلوبنا، إذ استمعنا لهم واستمعوا لنا وبحثنا الأمور المشتركة، وحاولنا تعزيزها، وابتعدنا عن الأشياء غير الواقعية، ولعل من المقترحات التي استفدنا منها نحن كاتحاد عربي نظراً للبرامج المختلفة للقارتين إقامة البطولات السنية مقسمة إلى مجموعتين، إذ تقام المجموعة الأولى لعرب آسيا والمجموعة الثانية لعرب أفريقيا على أن يكون نصف النهائي والنهائي مجمعا خلال أربعة أيام فقط، أيضا من الخطأ أن نجير أي عمل لرئيس الاتحاد أو للاتحاد العربي أو لممثل السعودية، وإنما لكل الاتحادات العربية، فهم شركاء نجاح، إذ وجدنا منهم تفاعلا كبيرا وتفاؤلا أكبر ودورهم في الاتحاد العربي مهم وحيوي. • الجوانب المالية للاتحاد، كيف تمت تغطيتها؟ •• لا شك أن هناك مصاريف كبيرة لمثل هذه الأنشطة والبطولات، ولكن لا بد أن أشيد بدعم المملكة العربية السعودية الداعم الأول للاتحاد طوال تاريخه، ولكن نحن علينا أن نبحث عن مصادر دخل إضافية، فالبطولات العربية نوعان، بطولات مهمة وقابلة للتسويق، مثل بطولات الأندية والمنتخبات، وتستطيع أن تغطي مصاريفها، وهناك بطولات أخرى ليس هدفها تسويقيا فقط، فهي بطولات تساهم في نشر اللعبة وتطوير الرياضة، وهذه البطولات نحاول أن نوجد لها طريقة لتغطية مصاريفها بتحميلها على البطولات الكبرى. • من أبرز المشكلات التي تواجه الاتحاد العربي في السابق هو عدم اعتراف الاتحاد الدولي به، هل هناك جهود لاعتراف الفيفا بكم؟ •• الاتحاد العربي ومنذ رئاسة الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- يحظى بمكانة كبيرة لدى الفيفا، ولا شك أن اعتراف الاتحاد الدول مهم جدا، والاعتراف هو ثلاث درجات، يحظى باعتراف الفيفا في درجتين هما المشاركة في الاتحاد العربي من خلال حضور الفعاليات سواء كان ذلك افتتاحا أو ختاما، ومشاركة رئيس الفيفا أو من ينوبه في اجتماعات الاتحاد العربي، ولم يتبقَ إلا أن تدرج البطولات العربية في الروزنامة بالاتحاد الدولي، وهذا الموضوع موضوع قانوني بحت، وهناك فرصة جيدة للحصول على الاعتراف. • كم تبلغ ميزانية البطولة العربية؟ •• الجوائز تصل إلى ستة ملايين دولار، عدا المصاريف الأخرى، ولكن لا شك أن هناك إقبالاً كبيراً على البطولة، فنحن أول ما أعلن عن البطولة وخلال يومين تم حجز ستة آلاف شخص، وقبل أيام وصل الرقم إلى 20 ألفا، وأتوقع أن يكون قد ازداد مع انطلاق البطولة. • لماذا اخترتم مصر للاستضافة؟ •• أولاً لأن مصر أول من تقدم للاستضافة، وحقيقة كان الاتحاد المصري والشخصيات الرسمية لديهم الرغبة الكبيرة في الاستضافة، الأمر الآخر مصر تمتلك المواصفات والملاعب المؤهلة والفنادق الكافية وسهولة النقل وكذلك الخبرة في التنظيم والإعلام المصري القوي. • سمو الأمير أمامك ثلاث رسائل لمن توجهها؟ •• الأولى: إلى حكومة خادم الحرمين الشريفين التي اعتدنا منها الحرص الدائم على الدعم المستمر للاتحاد العربي، فألف شكر للدعم الكبير والمتواصل، فالمملكة العربية السعودية حريصة دائما على الدعم المستمر للاتحاد العربي وهذا ليس مستغربا وهي الداعم الأكبر لكل ما يسهم في تطوير الشاب العربي. الرسالة الثانية للإعلام الرياضي العربي عموما، والسعودي على وجه التحديد: نحن في الاتحاد العربي نحتاج وقفتكم، ونرحب بكم شريك نجاح، ولا يمكن لعمل أن ينجح دون نقد وتقويم، فالرأيان أفضل من الرأي الواحد، والاتحاد هو اتحادكم وتفاعلكم مع البطولة العربية مطلب. فنحن مرحبون بالإعلاميين، نسمع آراءهم ومقترحاتهم، لن نكابر إذا كان هناك خطأ، كل شيء قابل للتغيير طالما هو في مصلحة الكرة العربية، فالشفافية والوضوح هما نهجنا. الرسالة الثالثة للإخوان في المكتب التنفيذي للاتحاد العربي السابق والحالي والأمانة العامة: أحب أن أشكرهم على جهودهم التي قاموا بها، كما أن الآمال عليهم كبيرة في إنجاح البطولات العربية. • هل هناك جوانب أخرى يمكن أن تستفيد منها السعودية بدعمها للاتحاد العربي غير إقامة البطولات؟ •• لا شك أن الرياضة والفن من القوة الناعمة في العالم، والرياضة السعودية وصلت إلى مكانة مرموقة وكذلك الإعلام الرياضي السعودي الذي وصل إلى قوة يلمسها غير السعوديين، أو الموجودون في الخارج، وأنا هنا كسعودي أرى أن السعودية نجحت في الماضي، ولكن يهمنا أن ننجح أكثر في الحاضر والمستقبل، والمجال أمامنا والإمكانات متاحة، وكذلك على مستوى الوطن العربي يجب أن نظهر للعالم الذي ينظر لنا بمنظور مشوش، إذ عليهم أن يحضروا ويشاهدوا الجوانب الحضارية التي تجمعنا كالرياضة والفن والفعاليات الثقافية، فنحن لدينا من الأشياء الجميلة التي تعكس مدى تطورنا.