في طريق عودته مع حموة شمس الضحى من الوادي، مر بشجرة الشبارقة، تذكّر «شرحة خاطره» فحط العمامة من فوق رأسه، وبدأ يخرط من طلعها ويجمع في قبعته حبات صفراء حالية، دفع الباب بطرف المسحاة، ودخل منادياً «يا عزتي» فجاء صوتها الشجي ملبياً ومرحباً. تعالي يا شرحة خاطري شوفي وش جبت لك. مد لها بالشبارق فقبلت كفه، وعادت لتكمل واجباتها المنزلية. استغاثت بأمها، فجاءت تسعى «وشبك يا بنت ماشي خلاف»، أجابت «الحسيل لجغ الرباط ومق حليب أمه ما لقيت فيها قطرة». أشعرت زوجها بما جرى فانسدح على ظهره ضاحكاً وهو يردد «أنا لزمت الحنش بيدي وعلّمت نابه»، رفعت صوتها «يا الله في صلاح منك وهداية، أنت يا رجال في عقلك تخله، أكلمك عن الحسيل وتقصّد عن الحنش»، علّق على كلامها «قال بو عزة وهو راعي مثايل، كل مزموم يسمّا، غير مزموم الشفايف، ذاك خير وعافية». طلب من عزة تجي تفلي رأسه، وضعت رأس أبيها في حجرها، قصّعت بأظفارها على صلعته بعض ما وجدت في قفاته، وهو يرفع الصوت بالغناء، فاتحها برغبة (خيران) في الزواج بها، استحت ترد، وتركته متمدد، قال «كلها شهرين ثلاثة وتقولين وشبه أحوى». في يوم تالٍ لمح العريس يسحّب رجوله حول البيت فناداه، تعال يا حبابي، قرب منه فسأله «منين تسمع» أجاب «من آذانيّه»، أردف «المهر مية ألف»، قال: وشدّة الجماعة يا عم؟ قال «لا تقول عم تعمعمت عيونك، أنتم جاكم تعويض ملايين في الركيب اللي خذه الخط، وأنا على باب الله، تبغي عزة تدق مية ألف بيني وبينك، وقدام الجماعة تقول ما هبيت إلا أربعين على الشدة»، قال العريس: خلني أشاور أمي. جاء العريس بوالدته لتسليم المهر، فطلب منه أن يعطيه أربعين ألف في يده، والستين الباقية يدسها تحت الفراش، بعد عام من الزواج أخذ الله وداعته، فعلم العريفة أن أبا عزة خالف الشدة، فعزروه في قبره، وطالبوا الورثة بغرامة خمسة آلاف ريال. علمي وسلامتكم.